الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا وطئ جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه منه [ ص: 47 ] وصارت أم ولد له وعليه قيمتها وليس عليه عقرها ولا قيمة ولدها ) وقد ذكرنا المسألة بدلائلها في كتاب النكاح من هذا الكتاب ، وإنما لا يضمن قيمته الولد ; لأنه انعلق حر الأصل لاستناد الملك إلى ما قبل الاستيلاد .

التالي السابق


( قوله : وإذا وطئ جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه منه [ ص: 47 ] وصارت أم ولد للأب ) سواء كان الابن وطئها أو لا ; لأن حرمة الوطء لا تمنع ثبوت النسب كوطء الحائض ( وعليه قيمتها ) ; لأنه ملكها قبيل الوطء بالقيمة ; ليقع الوطء في ملكه ( وليس عليه عقرها ) لسبق ملكه الوطء ( ولا قيمة ولدها ) ; لأنه انعلق حرا ; لتقدم الملك على الأم ( وقد ذكرنا المسألة بدلائلها ) في باب نكاح الرقيق من ( كتاب النكاح ) وللشافعي قولان : أحدهما تصير أم ولد ويضمن قيمتها ومهرها وهو بناء على إثباته الملك حكما للوطء ، إذ لو أثبته سابقا عليه لم يتجه له إيجاب المهر .

والقول الآخر لا تصير أم ولد ويلزمه المهر ; لأنه لم يملكها وهو قول أحمد وعلى هذا تستمر على ملك الابن . ومذهب مالك أنه يملكها بالقيمة بمجرد الوطء حملت أو لا ، وإذا كان تملكها لازما عرف أنه لا يصح دعوة ولد مدبرة ابنه ولا أم ولده إذ لا يقبلان انتقال الملك فيهما ، فإن كان في لفظ الجارية عرف يخرجهما فقد أخرجهما باللفظ ، وإلا فبالحكم المذكور في المسألة ، وشرط صحة هذا الاستيلاد أن تكون الجارية في ملك الابن من وقت العلوق إلى وقت الدعوة ، وأن يكون الأب صاحب ولاية من ذلك الوقت إلى الدعوة أيضا ، فلو باع الابن الجارية ثم عادت إليه بشراء أو رد وولدت لأقل من ستة أشهر منذ باعها فادعاه الأب لم تصح دعوته إلا أن يصدقه الابن كما إذا ادعى الأجنبي ذلك وصدقه ، وكذا دعوة الجد لو كان مكان الأب ، وكذا لو كان الأب كافلا ثم أسلم أو عبدا فعتق أو مجنونا فأفاق فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من الإسلام والعتق والإفاقة إلى الدعوة فادعاه لا تصح ; لعدم الولاية إلا أن يصدقه ، أما المعتوه لو ادعاه بعد إفاقته وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر من إفاقته ففي القياس لا تصح ; لعدم ولايته عند العلوق .

وفي الاستحسان تصح ; لأن العته لا يبطل الحق والولاية بل يعجز عن العمل ، ولو كان الأب المدعي مرتدا فهي موقوفة عند أبي حنيفة رحمه الله إن عاد إلى الإسلام صحت ، وإلا لا . وعندهما صحيحة وهي فرع تصرفات المرتد ; لأنه يملكها بالقيمة فكان كالبيع ، وهو موقوف عنده خلافا لهما وكان ينبغي أن تتوقف عندهما أيضا ; لأن تصرف المرتد في مال ولده موقوف عند هما أيضا ، لكنها تضمنت التصرف في مال نفسه ، وفيه لا يتوقف لا سيما في النسب ; لأنه يحتاط في إثباته فينفذ .




الخدمات العلمية