الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن سرق شيئا من حرز أو من غير حرز وصاحبه عنده يحفظه قطع ) لأنه سرق مالا محرزا بأحد الحرزين ( ولا قطع على من سرق مالا من حمام أو من بيت أذن للناس في دخوله ) لوجود الإذن عادة أو حقيقة في الدخول فاختل الحرز ويدخل في ذلك حوانيت التجار والخانات ، إلا إذا سرق منها ليلا لأنها بنيت لإحراز الأموال ، وإنما الإذن يختص بالنهار ( ومن سرق من المسجد متاعا وصاحبه عنده قطع ) لأنه محرز بالحافظ لأن المسجد [ ص: 387 ] ما بني لإحراز الأموال فلم يكن المال محرزا بالمكان ، بخلاف الحمام والبيت الذي أذن للناس في دخوله حيث لا يقطع لأنه بني للإحراز فكان المكان حرزا فلا يعتبر الإحراز بالحافظ .

التالي السابق


( قوله ومن سرق شيئا من حرز أو من غير حرز ) كالصحراء ( وصاحبه عنده يحفظه قطع لأنه سرق مالا محرزا بأحد الحرزين ) وهذا بعمومه يتناول ما إذا سرق من حمام وصاحبه عنده يحفظه ، وتقدم أن الصحيح أنه لا يقطع به إذا كان وقت الإذن ، إلا أن قوله وصاحبه عنده يختص بما يليه وهو قوله من غير حرز فلا يرد الحمام فإنه حرز ، على أن قوله بعد ذلك ولا قطع على من سرق من حمام أو من بيت أذن للناس في دخوله تقييد له ، فإنه بعمومه يقتضي أن لا يقطع ، وإن كان صاحبه عنده يحفظه والوجه ظاهر من الكتاب ، وهذا تفريع على ما قدمه من الأصل المذكور .

( قوله ويدخل في ذلك ) أي يدخل في بيت أذن في دخوله ( الخانات والحوانيت ) فيثبت فيها حكم عدم القطع نهارا فإن التاجر يفتح حانوته نهارا في السوق ويأذن للناس في الدخول ليشتروا منه فإذا سرق واحد منه شيئا لا يقطع وكذا الخانات ( إلا إذا سرق منها ليلا لأنها بنيت لإحراز الأموال ) وإنما اختل الحرز بالنهار للإذن وهو منتف بالليل ( ومن سرق من المسجد متاعا وصاحبه عنده قطع لأنه محرز بالحافظ ، لأن المسجد [ ص: 387 ] ما بني لإحراز الأموال فلم يكن محرزا بالمكان ) لينقطع اعتبار الحافظ ثم تختل حرزيته بالإذن كالحمام ، فكان الحافظ معتبرا حرزا فيقطع بالأخذ ، وعلى هذا ما في الخلاصة : جماعة نزلوا بيتا أو خانا فسرق بعضهم من بعض متاعا وصاحب المتاع يحفظه أو تحت رأسه لا يقطع ، ولو كان في المسجد جماعة قطع .




الخدمات العلمية