الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4026 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إذا رمى وحلق حل له اللباس، واختلفوا في الطيب، فقال بعضهم: حكمه حكم اللباس فيحل كما يحل اللباس، وقال آخرون: حكمه حكم الجماع فلا يحل حتى يحل الجماع.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: علقمة وسالما وطاوسا وعبيد الله بن الحسن وخارجة بن زيد وإبراهيم النخعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا والشافعي وأحمد -في الصحيح- وأبا ثور وإسحاق؛ فإنهم قالوا: إذا رمى جمرة العقبة ثم حلق؛ حل له كل شيء كان محظورا بالإحرام إلا النساء.

                                                قوله: "واختلفوا" أي "الفقهاء" في حكم الطيب، فقال "بعضهم" أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأصحابه، وأحمد في رواية: حكم الطيب حكم اللباس فيحل كما يحل اللباس.

                                                وقال آخرون: وهم مالك والحسن البصري وأحمد في رواية: حكم الطيب حكم الجماع فلا يحل له حتى يحل الجماع.

                                                [ ص: 102 ] وفي شرح "الموطأ": في هذه المسألة أربعة أقوال:

                                                أحدها: قول عمر، وهو ما رواه مالك في "موطئه": عن نافع وعبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطب الناس بعرفة وعلمهم أمر الحج، وقال لهم فيما قال: إذا جئتم منى فمن رمى جمرة العقبة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب، لا يمس أحد نساء ولا طيبا حتى يطوف بالبيت.

                                                والثاني: إلا النساء والطيب والصيد، وهو قول مالك .

                                                والثالث: النساء والصيد، وهو قول عطاء وطائفة.

                                                والرابع: إلا النساء، وهو قول الشافعي، وقول عائشة وابن عباس وابن الزبير وطاوس وعلقمة .

                                                واختلف قول مالك فيمن تطيب بعد رمي الجمرة قبل الإفاضة، فقال: عليه الفدية، وقال: لا شيء عليه.

                                                وقال ابن قدامة في "المغني": إذا رمى المحرم جمرة العقبة ثم حلق حل له كل ما كان محظورا بالإحرام إلا النساء من الوطء والقبلة واللمس بشهوة وعقد النكاح، هذا هو الصحيح من مذهب أحمد، وعن أحمد: أنه يحل له كل شيء إلا الوطء في الفرج.

                                                وقال الكاساني في "البدائع": وأما حكم الحلق فحصول التحلل وهو صيرورته حلالا يباح له جميع ما حظر عليه الإحرام إلا النساء، وهذا قول أصحابنا، وقال مالك: إلا النساء والطيب. وقال الليث: إلا النساء والصيد، وقال الشافعي: يحل له بالحلق الوطء فيما دون الفرج والمباشرة.




                                                الخدمات العلمية