الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                [ ص: 127 ] 4055 4056 4057 4058 4059 4060 4061 4062 4063 ص: حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني ، قال: ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لما أراد رسول الله -عليه السلام- أن ينفر رأى صفية على باب خبائها كئيبة حزينة وقد حاضت، فقال رسول الله -عليه السلام-: "إنك لحابستنا، أكنت أفضت يوم النحر؟ قالت: نعم، قال: فانفري إذن".

                                                حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا عبد الله بن رجاء ، قال: ثنا شعبة ... ، فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة، عن رسول الله -عليه السلام- ... بمثل معناه.

                                                حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، قال أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعروة بن الزبير ، عن عائشة، عن رسول الله -عليه السلام- نحوه.

                                                حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا شعيب بن الليث ، قال: ثنا الليث ، قال: حدثني ابن شهاب وهشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة، عن رسول الله -عليه السلام- نحوه.

                                                حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن هشام بن عروة ، فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا ابن لهيعة ، قال: ثنا عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي سلمة ، عن عائشة، عن رسول الله -عليه السلام- نحوه.

                                                حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة: " أن صفية بنت حيي زوج النبي -عليه السلام- حاضت، فذكرت ذلك للنبي -عليه السلام- فقال: أحابستنا هي؟! فقلت: إنها قد أفاضت، . فقال: فلا . إذن".

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو عامر ، قال: ثنا أفلح ، عن القاسم ، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله -عليه السلام- نحوه.

                                                [ ص: 128 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 128 ] ش: هذه تسع طرق:

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق ... إلى آخره.

                                                والكل رجال الصحيح ما خلا ابن مرزوق ، والحكم هو ابن عتيبة ، وإبراهيم هو النخعي .

                                                وأخرجه مسلم: نا محمد بن المثنى وابن بشار، قالا: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة (ح).

                                                ونا عبد الله بن معاذ -واللفظ له- قال: نا أبي، قال: نا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة، قالت: "لما أراد النبي -عليه السلام- أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة، فقال: عقرى حلقى إنك لحابستنا، ثم قال لها: أكنت أفضت يوم النحر؟ قالت: نعم، قال: فانفري".

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن عبد الله بن رجاء الغداني شيخ البخاري ، عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ... إلى آخره.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت: "أراد رسول الله أن ينفر، فرأى صفية على باب خبائها كئيبة أو حزينة لأنها حاضت، فقال: عقرى أو حلقى -لغة لقريش- إنك لحابستنا، ثم قال لها: أما كنت أفضت يوم النحر يعني الطواف؟ قالت: نعم، قال: فانفري إذن".

                                                الثالث: عن محمد بن عمرو بن يونس التغلبي ، عن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن الخزاز الكوفي، روى له الجماعة سوى النسائي لكن البخاري في "الأدب".

                                                عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود ، عن عائشة.

                                                [ ص: 129 ] وأخرجه البخاري: ثنا عمر بن حفص، ثنا أبي، ثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت: "حاضت صفية ليلة النفر، فقالت: ما أراني إلا حابستكم، قال النبي -عليه السلام-: عقرى حلقى، أطافت يوم النحر؟ قيل: نعم، قال فانفري".

                                                الرابع: رجاله كلهم رجال الصحيح، ويونس الأول: هو ابن عبد الأعلى ، ويونس الثاني: هو ابن يزيد الأيلي ، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري ، وأبو سلمة هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                وأخرجه مسلم: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى، قال أحمد: نا، وقال الآخران: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة وعروة ... إلى آخره نحوه.

                                                الخامس: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن شعيب بن الليث ، عن الليث بن سعد ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وهشام بن عروة، كلاهما عن عروة ، عن عائشة.

                                                وأخرجه مسلم: نا قتيبة بن سعيد، قال: نا ليث (ح).

                                                ونا محمد بن رمح، قال: أنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة وعروة، أن عائشة قالت: "حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، قالت عائشة: فذكرت حيضتها لرسول الله -عليه السلام-، فقال رسول الله -عليه السلام-: أحابستنا هي؟! قالت: فقلت: يا رسول الله، إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله -عليه السلام-: فلتنفر".

                                                وأخرجه ابن ماجه بهذا الإسناد نحوه.

                                                [ ص: 130 ] السادس: رجاله كلهم رجال الصحيح، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب .

                                                وأخرجه مالك في "موطئه": عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين: "أن رسول الله -عليه السلام- ذكر صفية بنت حيي، فقيل له: إنها قد حاضت، فقال رسول الله -عليه السلام-: لعلها حابستنا؟! فقالوا: يا رسول الله، إنها قد طافت، فقال رسول الله -عليه السلام-: فلا إذن".

                                                السابع: عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى ، عن عبد الله بن لهيعة فيه مقال، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عائشة.

                                                وأخرجه أسد السنة في "مسنده".

                                                الثامن: عن يونس بن عبد الأعلى ... إلى آخره، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

                                                وأخرجه مالك في "موطئه" .

                                                التاسع: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن أفلح بن حميد ... إلى آخره والكل ثقات.

                                                وأخرجه العدني في "مسنده": ثنا وكيع ، عن هشام ، عن أبيه وأفلح بن حميد ، عن القاسم بن محمد عن عائشة: "أن صفية حاضت بعدما أفاضت، فذكرت ذلك للنبي -عليه السلام- فقال: أحابستنا هي؟ قلت: إنها كانت قد أفاضت ثم طافت بعد ذلك، قال: فلا إذن".

                                                قوله: "باب خبائها" الخباء -بكسر الخاء- واحد الأخبية من وبر أو صوف، ولا يكون من شعر، وهو على عمودين أو ثلاثة، فما فوق ذلك فهو بيت.

                                                [ ص: 131 ] قوله: "كنت أفضت" أي هل كنت أفضت إلى مكة لطواف الزيارة.

                                                قوله: "عقرى حلقى" قال الزمخشري: هما صفتان للمرأة المشئومة أي أنها تعقر قومها وتحلقهم، أي تستأصلهم من شؤمها عليهم، ومحلها الرفع أي: هي عقرى حلقى، ويحتمل أن تكونا مصدرين على فعلى بمعنى العقر والحلق كالشكوى للشكو، وقيل: الألف للتأنيث مثلها في غضبى وسكرى.

                                                ويقال: ظاهر هذا الدعاء عليها وليس بالدعاء في الحقيقة، وهو في مذهبهم معروف أي: عقرها الله وأصابها بعقر في جسدها، ومعنى حلقى: حلقها الله يعني أصابها بوجع في حلقها خاصة، والمحدثون يروون هاتين اللفظين بلا تنوين، والمعروف في اللغة التنوين على أنه مصدر فعل متروك اللفظ تقديره: عقرها الله عقرا وحلقها حلقا، ويقال للأمر يتعجب منه: عقرا حلقا، ويقال أيضا للمرأة إذا كانت مؤذية مشئومة، وقال أبو عبيد الصواب: عقرا حلقا بالتنوين لأنهما مصدرا عقر وحلق.




                                                الخدمات العلمية