الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4307 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يجوز هذا النكاح، واحتجوا بأن الآثار التي احتج بها عليهم أهل المقالة الأولى قد كانت ثم نسخت بعد ذلك، وأن رسول الله -عليه السلام- نهى عن المتعة. .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الحسن البصري وإبراهيم النخعي والأوزاعي والثوري ومكحولا والليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا ومالكا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور وأبا عبيد وداود ومحمد بن جرير وجماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم، فإنهم قالوا: المتعة حرام، قد كانت مباحة ثم نسخت.

                                                وقال الإمام أبو عبد الله المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزا في أول الإسلام، ثم ثبت نسخه بالأحاديث المتأخرة وتقرر الإجماع على منعه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة، وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد ذكرنا أنها منسوخة.

                                                وقال عبد الحق: في كلامه مسامحة لقوله: "لم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة" وقد حكينا من خالف فيه من الصحابة والتابعين، قال: واختلاف الأحاديث في زمن النسخ ليس بقادح.

                                                [ ص: 344 ] وقد ذكر عبد الرزاق: عن ابن جريج ، عن عطاء قال: "أخبرني من شئت عن أبي سعيد الخدري قال: "لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سويقا".

                                                وذكر عن عطاء أيضا قال: "أول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى قال: أخبرني يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عباس فذكر بعضنا له ذلك، فقال: نعم، فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر بن عبد الله قال: فجئناه في منزله فسألناه عن أشياء ثم ذكرنا له المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله -عليه السلام- وأبي بكر وعمر حتى إذا كان في آخر خلافة عمر -رضي الله عنه- استمتع عمرو بن حريث بامرأة سماها جابر -رضي الله عنه- ونسيت اسمها فحملت المرأة، فبلغ ذلك عمر -رضي الله عنه- فدعاها فسألها، فقالت له: نعم، قال: من أشهد؟ قال عطاء: فلا أدري أقالت: أمها، أم أخاها وأمها، قال: فهلا غيرهما، فنهى عن ذلك". قال عطاء: وكان ابن عباس يقرأ: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ذكره أبو عمر في "التمهيد" قال أبو عمر: قد قرأها أيضا ابن مسعود وعلي بن الحسين -رضي الله عنهم- وجعفر بن محمد وأبوه وابن جبير .

                                                وذكر أبو عمر: عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عثمان قال: "كانت بمكة امرأة عراقية جميلة لها ابن يقال له: أبو أمية، وكان سعيد بن جبير يكثر الدخول عليها، قال: فقلت له: يا أبا عبد الله، ما أكثر ما تدخل على هذه المرأة؟! قال: إنا قد نكحناها نكاح المتعة، قال ابن جريج: وقال لي سعيد بن المسيب: هو أحل من شرب الماء -يعني المتعة". ذكره أبو عمر في "التمهيد".

                                                وفي "الإحكام لابن بزيزة" أجمع جمهور العلماء على أن نكاح المتعة يفسخ قبل الدخول وبعده، واختلف المذهب هل يحد فاعله أم لا؛ لشبهة العقد، والمشهور من

                                                [ ص: 345 ] المذهب أنه يعاقب ولا حد عليه، وقد اختلف العلماء في قوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فقال بعضهم: هي منسوخة بآية الطلاق والصداق والعدة والميراث، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: نسخ صوم رمضان كل صوم، ونسخت الزكاة كل صدقة، ونسخ الطلاق والصداق والعدة والميراث المتعة، ونسخت الأضحية كل ذبح.




                                                الخدمات العلمية