الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4093 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا وأباحوا صيام أيام التشريق للمتمتع والقارن وللمحصر إذا لم يجدوا هديا، ولم يكونوا صاموا قبل ذلك، صاموا هذه الأيام، ومنعوا منها من سواهم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء: عروة والزهري ومالكا والشافعي وأحمد؛ فإنهم قالوا: المتمتع إذا لم يصم في أيام العشر لعدم الهدي يجوز له أن يصوم في أيام التشريق، وكذا القارن والمحصر، واحتجوا في ذلك بالأحاديث المذكورة.

                                                قوله: "ومنعوا منها من سواهم" أي منع هؤلاء القوم الصوم في أيام التشريق من سوى المتمتع والقارن والمحصر، وفي شرح "الموطأ" للإشبيلي: ووقت هذا الصوم من حين يحرم بالحج إلى آخر أيام التشريق، والاختيار تقديمه في أول الإحرام رواه ابن الجلاب، وإنما اختار تقديمه لتعجيل إبراء الذمة؛ ولأنه وقت متفق على جواز الصوم فيه، فإن فاته ذلك قبل يوم النحر صامه أيام منى، فإن لم يصم أيام منى صام بعدها.

                                                قاله علي وابن عمر وعائشة وابن عباس، وبه قال الشافعي، وروى عن عطاء بن أبي رباح أنه أجاز للمتمتع أن يصوم في العشر وهو حلال، وقال مجاهد وطاوس: إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه، وهذان القولان شاذان، وقال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن": اختلف السلف فيمن لم يجد الهدي ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر، فقال عمر بن الخطاب وابن عباس وسعيد بن جبير وإبراهيم وطاوس: لا يجزئه إلا الهدي. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقال ابن عمر وعائشة: يصوم أيام منى. وهو قول مالك، وقال علي بن أبي طالب: يصوم بعد أيام التشريق. وهو قول الشافعي انتهى.

                                                ثم اعلم أن المتمتع إذا صام الأيام الثلاثة عقيب إحرامه بالعمرة قبل إحرامه بالحج يجوز عندنا، وهو قول الثوري أيضا، وقال الشافعي ومالك: لا يجوز إلا في

                                                [ ص: 175 ] إحرام الحج، وهو قول عائشة وابن عمر، وقال زفر: إذا بدأ بالحج فأحرم به وهو يريد أن يضيف إليه عمرة، فصام قبل إحرام العمرة أجزأه. وقال أبو يوسف: إن بدأ بإحرام العمرة فصام قبل إحرام الحج أجزأه، وإن بدأ بإحرام الحج فصام قبل إحرام العمرة لم يجزئه.




                                                الخدمات العلمية