الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4220 [ ص: 331 ] ص: فقال قائل: فقد رأينا من تزوج أخته من الرضاعة كان نكاحه باطلا، ولو اشتراها كان شراؤه جائزا، فكان الشراء يجوز أن يعقد على ما لا يحل وطؤه والنكاح لا يجوز أن يعقد إلا على من يحل وطؤه، وكانت المرأة حراما على المحرم جماعها فالنظر على ذلك أن يحرم عليه نكاحها.

                                                فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك: أنا رأينا الصائم والمعتكف حرام على واحد منهما الجماع، وكل قد أجمع أن حرمة الجماع عليهما لا يمنعهما من عقد النكاح لأنفسهما إذ كان ما حرم الجماع عليهما من ذلك إنما هو حرمة دين، كحرمة حيض المرأة الذي لا يمنعها من عقد النكاح على نفسها، فحرمة الإحرام في النظر أيضا كذلك، وقد رأينا الرضاع الذي لا يجوز تزويج المرأة لمكانه إذا طرأ على النكاح فسخ النكاح، فكذلك لا يجوز استقبال النكاح عليه، وكان الإحرام إذا طرأ على النكاح لم يفسخه فالنظر على ذلك أيضا أن يكون لا يمنع استقبال عقد النكاح، وحرمة الجماع بالإحرام كحرمته بالصيام سواء، فإذا كانت حرمة الصيام لا تمنع عقد النكاح، فكذلك حرمة الإحرام لا تمنع عقد النكاح فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا اعتراض من جهة أهل المقالة الأولى بيانه: أن يقال: قياس عقد النكاح للمحرم مع حرمة الوطء حالة الإحرام على عقد الملك على الثياب والطيب مع حرمة استعمالهما حالة الإحرام غير صحيح؛ لأنه لا يلزم جواز شراء ما لا يحل استعماله جواز عقد النكاح على ما لا يحل، ألا ترى أنه يجوز للرجل شراء أخته من الرضاع ولا يجوز عقده النكاح عليها؟ فكذلك المحرم لما كان جماع المرأة عليه حراما فكذلك يكون عقده عليها حراما قياسا عليه، وأجاب عن ذلك بقوله: "فكان من الحجة للآخرين عليهم"، أي على أهل المقالة الأولى.

                                                "في ذلك" أي فيما أوردوه من الاعتراض، وأراد بالحجة، الجواب وهو ظاهر.

                                                قوله: "وكل" أي كل طائفة من الفريقين قد أجمعوا إلى آخره.

                                                [ ص: 332 ] قوله: "إذا كان" أي حين كان.




                                                الخدمات العلمية