الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4039 ص: فإن قال قائل: فقد رأينا القبلة حراما على المحرم بعد أن يحلق، وهي قبل الوقوف بعرفة في حكم اللباس لا في حكم الجماع، فلم لا كان اللباس بعد الحلق أيضا كهي؟

                                                قيل له: إن اللباس بالحلق أشبه منه بالقبلة؛ لأن القبلة هي بعض أسباب الجماع، وحكمها حكمه، تحل حيث يحل وتحرم حيث يحرم، في النظر في الأشياء كلها، والحلق واللباس ليسا من أسباب الجماع إنما هما من أسباب إصلاح البدن، فحكم كل واحد منهما بحكم صاحبه أشبه من حكمه بالقبلة.

                                                فقد ثبت بما ذكرنا أنه لا بأس باللباس بعد الرمي والحلق.

                                                التالي السابق


                                                ش: تقدير السؤال أن يقال: لم جعلتم حكم اللباس بعد الرمي والحلق كحكم قص الشعر وقلم الأظفار قياسا على ما كان من حكمهما مثل حكمه قبل الوقوف بعرفة، فلم لم تجعلوا حكمه بعد الرمي والحلق كحكم القبلة في كونها حراما بعد الحلق أيضا قياسا على ما كان من حكمهما مثل حكمه قبل الوقوف بعرفة؟

                                                [ ص: 112 ] وتقرير الجواب أن يقال: إن قياس اللباس على الحلق أشبه من القياس على القبلة؛ لأن القبلة من بعض أسباب الجماع ومقدماته وحكمها حكمه -أي حكم القبلة حكم الجماع- تحل -أي القبلة- حيث يحل -أي الجماع- وتحرم -أي القبلة- حيث يحرم -أي الجماع- والحلق واللباس ليسا من مقدمات الجماع ولا من دواعيه، وإنما هما من أسباب إصلاح البدن لإزالة الشعث والدرن ودفع الحر والبرد، فقياس كل واحد منهما على صاحبه لقرب الشبه بينهما أولى من القياس على القبلة التي ليس بينها وبين اللباس شبه ما، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية