الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4139 4140 ص: وقال آخرون: لا يكون الإحصار الذي وصفنا حكمه ما وصفنا إلا بالعدو خاصة، ولا يكون بالأمراض، وهو قول ابن عمر:

                                                حدثنا محمد بن زكريا أبو شريح ، قال: ثنا الفريابي ، قال: سفيان الثوري ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: " لا يكون الإحصار إلا من عدو". .

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، أنه قال: "من حبس دون البيت بمرض، فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت ، وبين الصفا والمروة". ،

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قال جماعة آخرون، وأراد بهم: الليث بن سعد ومالكا والشافعي وأحمد

                                                [ ص: 220 ] وإسحاق، فإنهم قالوا: لا يكون الإحصار إلا بالعدو خاصة، ولا يكون بالمرض، وهو قول عبد الله بن عمر وبين ذلك بما أخرجه عنه من طريقين صحيحين:

                                                أحدهما: عن أبي شريح القضاعي ، عن محمد بن يوسف الفريابي شيخ البخاري ، عن سفيان الثوري ... إلى آخره.

                                                والآخر: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن سالم ، عن أبيه عبد الله بن عمر .

                                                وأخرجه مالك في "موطئه" وفي "شرح الموطأ": مذهب مالك والشافعي: أن المحصر بالمرض لا يحل دون البيت، وسواء عند مالك شرط عند إحرامه التحلل للمرض أو لم يشترط، وقال الشافعي: له شرطه.

                                                وقال أبو عمر: الإحصار عند أهل العلم على وجوه: منها المحصر بالعدو، ومنها بالسلطان الجائر، ومنها بالمرض وشبهه، فقال مالك والشافعي وأصحابهما: من أحصره المرض فلا يحله إلا الطواف بالبيت، ومن حصر بعدو فإنه ينحر هديه حيث حصر، ويتحلل وينصرف ولا قضاء عليه، إلا أن يكون ضرورة؛ فيحج الفريضة، ولا خلاف بين الشافعي ومالك وأصحابهما في ذلك، وقال ابن وهب وغيره: كل من حبس عن الحج بعدما يحرم بمرض، أو حصار من العدو، أو خاف عليه الهلاك، فهو محصر، عليه ما على المحصر، ولا يحل دون البيت، وكذلك من أصابه كسر أو بطن متحرق، وقال مالك: أهل مكة في ذلك كأهل الآفاق؛ لأن الإحصار عنده في المكي: الحبس عن عرفة خاصة، قال: فإن احتاج المريض إلى دواء تداوى به وافتدى، وهو على إحرامه لا يحل من شيء منه حتى يبرأ من مرضه، فإذ برأ من مرضه مضى إلى البيت فطاف به سبعا، وسعى بين الصفا والمروة، وحل من حجه أو عمرته، قال أبو عمر: هذا كله قول الشافعي أيضا، وذهبا في المحصر يمرض إلى قول ابن عمر -رضي الله عنهما-.




                                                الخدمات العلمية