الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                [ ص: 312 ] 4203 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا الحديث، فقالوا: لا يجوز للمحرم أن ينكح ولا ينكح ولا يخطب.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء: سعيد بن المسيب وسالما والقاسم وسليمان بن يسار والليث والأوزاعي ومالكا والشافعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم قالوا: لا يجوز للمحرم أن ينكح ولا ينكح غيره ولا يخطب، فإن فعل ذلك فالنكاح باطل، وهو قول عمر وعلي -رضي الله عنهما- وفي "شرح الموطأ" للإشبيلي، وقوله: ولا يخطب يحتمل أن يريد السفارة في النكاح ويحتمل إيراد الخطبة حالة النكاح، فأما السفارة فيه فممنوع، فإن سفر فيه وتناول العقد غيره أو سفر فيه لنفسه وأكمل العقد بعد التحلل فلم أر فيه نصا، وعندي أنه أساء ولا يفسخ، ويتخرج على قول أصحابنا فيمن خطب في العدة وعقد بعدها القولان، وأما إن خطب في عقد النكاح وتناول العقد غيره فكما ذكرنا، وقد أساء من حضر العقد، رواه أشهب عن مالك، وقال أصبغ: لا شيء عليه، واختلف قول مالك في إبطال نكاح المحرم، فقال مرة: هو فسخ، وقال مرة: هو طلاق، وقوله في قصة طريف رد عمر -رضي الله عنه- نكاحا يقتضي الفسخ، والفسخ باسم الرد أليق، وعقد النكاح ممنوع حتى يحل بالإفاضة، فإن تزوج بعد الرمي وقبل الإفاضة فسخ نكاحه، رواه محمد بن القاسم، وقال مالك: ويراجع المحرم إن شاء إذا كانت في عدة منه ، ولا خلاف في ذلك بين أئمة الفتوى بالأمصار، وروي عن ابن حنبل أنه منعه الرجعة والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية