الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن شك : أطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ؟ لم تحل إلا بعد زوج . وصدق ، إن ذكر في العدة ثم إن تزوجها وطلقها فكذلك ; [ ص: 147 ] إلا أن يبت

التالي السابق


( وإن ) طلق زوجته و ( شك ) الزوج في جواب ( أطلق ) الهمز للاستفهام أي هل طلق زوجته طلقة ( واحدة أو اثنتين أو ثلاثا لم تحل ) الزوجة المشكوك في عدد طلاقها للزوج الثالث ( إلا بعد زوج ) غيره بشروطه لاحتمال كون طلاقها ثلاثا ( وصدق ) بضم فكسر مثقلا أي الزوج الشاك في عدد الطلاق ( إن ذكر ) أي تذكر أنه كان طلقها واحدة أو اثنتين ( في العدة ) فله رجعتها فيها بلا عقد وبعدها به بلا يمين فليس كون التذكر في العدة شرطا في التصديق وإن أوهمه ظاهر المصنف فقد زاد في المدونة وإن ذكر ذلك بعد العدة كان خاطبا ، ويصدق في ذلك .

( ثم إن تزوجها ) أي الزوج الشاك في عدد الطلاق الزوجة التي شك في عدد طلاقها بعد زوج ( وطلقها ) طلقة أو اثنتين ( فكذلك ) أي فحكم تزوجها بعد هذا الطلاق كحكم تزوجها بعد الطلاق المشكوك في توقف حله على تزوجها بغيره قبله لاحتمال كون [ ص: 147 ] المشكوك فيه اثنتين وهذه الثالثة ، وإن طلقها اثنتين فلاحتمال كونه واحدة ثم إن تزوجها بعد زوج وطلقها فلا تحل إلا بعد زوج لاحتمال كونه ثلاثا وهكذا دائما قال في المدونة ولو بعد مائة زوج . وقال عياض ولو بعد ألف زوج .

( إلا أن يبت ) بفتح فضم مثقلا الزوج الشاك طلاقها حقيقة بأن يطلقها ثلاثا أو حكما بأن يقول إن لم تكوني مطلقة ثلاثا فقد طلقتك ما يكملها وهي في عصمته ، ولو حكما بأن تكون في عدة رجعي منه فينقطع الدوران وتحل له بعد زوج بعصمة كاملة هذا هو المشهور .

وقال أشهب ينقطع الدوران بعد ثلاثة أزواج يحيى بن عمر تدبرته فوجدته خطأ . وقال الفضيل هو خطأ واضح وتسمى هذه المسألة الدولابية . وقيدها في التوضيح بأن يطلقها واحدة واحدة أو اثنتين اثنتين ، قال ولا يحصل الدوران مع الاختلاف وإن كان ظاهر كلام جماعة حصوله معه ، وبيان ذلك أنه إن طلقها في الثاني طلقتين وفي الثالث طلقة وفي الرابع طلقة فإن فرض المشكوك فيه ثلاثا فالأخيرة أولى عصمة ، وإن فرض اثنتين فهذه الأخيرة ثانية وكذلك إن فرض واحدة فاعلمه انتهى " غ " يعني أن ما زاد على النصاب يلغى ويصير الأمر فيه كمن طلق زوجته أربعا ، والضابط هو ما يأتي ابن عرفة .

اللخمي إن شك هل طلق واحدة أو ثلاثا أمر أن لا يرتجع ولا يقر بها حتى تنكح زوجا غيره ، فإن تزوجها بعد زوج ثم طلقها كان له أن يرتجع قولا واحدا لأنه إن كان طلاقه الأول ثلاثا فقد أحلها الزوج الآخر وكانت هذه أولى عصمة وبقيت عنده الآن على تطليقتين ، وإن كان طلاقه الأول واحدة كانت هذه طلقة ثانية وبقيت عنده على واحدة ، فإن طلقها أخرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لإمكان كون الأول واحدة فهذه ثالثة .

وإن شك هل طلق واحدة أو اثنتين فله رجعتها الآن ، فإن ارتجعها ثم طلق فلا يرتجعها ولا يقربها حتى تنكح زوجا غيره لإمكان كون الأول اثنتين وهذه الثالثة وإن [ ص: 148 ] شك هل طلق اثنتين أو ثلاثا ولم يشك في واحدة أنه أوقعها فلا يقربها إلا بعد زوج لإمكان كون الأول ثلاثا . فإن تزوجها بعد زوج وطلقها فلا يقربها إلا بعد زوج لإمكان كون الأول اثنتين وهذه ثالثة . فإن تزوجها بعد زوج ثم طلقها واحدة فله رجعتها قبل زوج لأنه إن كان الأول ثلاثا فهذه ثانية وبقيت له واحدة . وإن كان اثنتين فهذه أولى وبقي له اثنتان .

ابن عرفة وصور شكه في العدد أربع مسألة الكتاب ، والشك في واحدة أو اثنتين ، والشك في واحدة أو ثلاث ، والشك في اثنتين أو ثلاث . وضابط ما تحرم فيه قبل زوج إن طلقها بعد أن تزوجها بعد زوج طلاقا دون البتات كل ما لا ينقسم مجموع طلاقه بعد زوج مع عدد طلاق كل شك بانفراده على ثلاث فلا تحرم .

وإن انقسم عليها ولو في صورة واحدة حرمت الطرطوشي إن شك في عدد طلاقه لزمه أكثره ولو تيقن واحدة وشك في الثانية فلا تلزمه إلا واحدة . ابن عرفة لأن الأول شك في عدد ما وقع والثاني شك في الوقوع ا هـ كلام ابن غازي ، ونص ابن عرفة ومن شك هل طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ففي حرمتها إلا بعد زوج وأمره بفراقها دون قضاء قولها . ونقل اللخمي رواية ابن حبيب ، وعلى الأول إن طلقها طلقة بعد نكاحها بعد زوج ففي لزوم الثلاث ولو نكحها كذلك بعد مائة زوج ما لم يبت طلاقها ثلاثا دفعة ، أو ما لم يتزوجها بعد ثلاثة أزواج . ثالثها ما لم يطلقها ثلاثا ولو متفرقات لها ، ولرواية الصقلي مع نقله عن أشهب وأصبغ وابن وهب وتوجيهه الأقوال الثلاثة دليل مغايرتها عنده ، والحق لا تغاير بين الأخير وما قبله ، ثم قال ابن عرفة اللخمي إن شك هل طلق واحدة أو ثلاثا أمر أن لا يقربها حتى تنكح زوجا غيره ، فإن تزوجها بعده ثم طلقها فله رجعتها اتفاقا لانتفاء الشك في الثلاث ، فإن طلقها ثانية فلا تحل له إلا بعد زوج لتقرر الشك في الثلاث ، وإن شك في واحدة واثنتين فله رجعتها ، فإن ارتجعها ثم طلقها جاء الشك في الثلاث . قلت صور الشك في العدد أربع إلى آخر ما تقدم والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية