الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 425 ] وشرط الحاضن العقل ، والكفاية ، لا : كمسنة . وحرز المكان في البنت يخاف عليها والأمانة وأثبتها ، وعدم كجذام مضر ، [ ص: 426 ] ورشد ، لا إسلام ، وضمت [ ص: 427 ] إن خيف لمسلمين ، وإن مجوسية أسلم زوجها

التالي السابق


ولما كانت الحضانة تفتقر إلى وفور الصبر على أحوال الطفل من كثرة البكاء والتضجر وغيرهما من الهيئات العارضة له وإلى مزيد الشفقة والرقة الباعثة [ ص: 425 ] على الرفق به ولذا خصت بالنساء غالبا ; لأن علو همة الرجل تمنعه الانسلاك في أطوار الأطفال وملابسة الأقذار وتحمل الدناءة اشترط لها شروط شرع فيها فقال . ( وشرط ) الشخص ( الحاضن ) ذكرا كان أو أنثى ( العقل ) فلا حق لمجنون ولا لطائش في الحضانة ولو تقطع جنونه وعدم القسوة فلا حضانة لمن علمت قسوته . ابن عرفة اللخمي إن علم جفاء الأحق لقسوته ورأفة الأبعد قدم عليه قلت إن كان قسوة ينشأ عنها إضرار الولد قدم الأجنبي عليه وإلا فالحكم المعلق بالمظنة لا يتوقف على تحقق الحكمة ( والكفاية ) أي القدرة على القيام بما يحتاج إليه المحضون ف ( لا ) حضانة لذات ( كمسنة ) أي كبيرة السن كبرا مانعا من ذلك وأدخلت الكاف الزمنة والمقعدة والعمياء والخرساء والصماء ذكرا كانت أو أنثى . ( وحرز ) بكسر فسكون أي صيانة ( المكان ) الساكن به الحاضن ( في البنت ) المحضونة التي ( يخاف ) بضم التحتية ( عليها ) الفساد وهي المطيقة ابتداء أو عروضا ، ومثلها الابن الذي يخاف عليه ذلك كما استقراء ابن عرفة من المدونة أولا وآخرا .

( والأمانة ) في الدين فلا حضانة لفاسق قريب أب شريب يذهب يشرب ويترك ابنته أو يدخل الرجل عليها ولو لمصلحته كما في ابن وهبان ( و ) إن ادعى على مستحق الحضانة عدم أمانته ( أثبتها ) أي الحاضن أمانة نفسه ، وجعل البساطي الضمير للشروط السابقة أي ما عدا العقل واختاره البدر وشيخه الجيزي ويقال مثله في الشروط الآتية " ق " لم أر هذا في شروط الحضانة إنما هو في الولي يريد السفر بالمحضون . وفي ابن سلمون أن من نفى الشروط فعليه إثبات دعواه ، والحاضن محمول عليها حتى يثبت عدمها . ا هـ . وما في التوضيح معترض مثل ما هنا .

بناني ( وعدم كجذام مضر ) [ ص: 426 ] ريحه أو رؤيته وأدخلت الكاف كل عاهة مضرة بالولد كالبرص والجرب الدامي والحكة ولو كان به مثلها ; لأنها قد تزيد بانضمامها لمثلها واحترز بمضر عن الخفيف فلا يمنع استحقاق الحضانة ( ورشد ) أي حفظ المال ; لأن للحاضن قبض نفقته فلا حضانة لسفيه ولا لسفيهة وهو ما أفتى به ابن عبد السلام والأجمي قاضي الأنكحة بتونس وهو مفاد كلام المصنف وفتوى ابن هارون بأن لها الحضانة ضعيفة وليرجع ابن عبد السلام عن فتواه وإنما كتب لقاضي باجة بأن للسفيهة الحضانة حين أمره السلطان بالكتابة له بذلك خوفا منه ; لأنه مولى منه فلا تسعه مخالفته " غ " المتيطي اختلف في السفيهة فقيل لها الحضانة وقيل لا حضانة لها .

ابن عرفة نزلت ببلد باجة فكتب قاضيها لقاضي الجماعة يومئذ بتونس وهو ابن عبد السلام فكتب إليه بأنه لا حضانة لها فرفع المحكوم عليه أمره إلى سلطانها الأمير أبي يحيى بن الأمير أبي زكريا فأمر باجتماع فقهاء الوقت مع القاضي المذكور لينظروا في ذلك فاجتمعوا بالقصبة ومن جملتهم ابن هارون والأجمي قاضي الأنكحة بتونس فأفتى القاضيان وبعض أهل المجلس بأنه لا حضانة لها ، وأفتى ابن هارون وبعض أهل المجلس بأن لها الحضانة ورفع ذلك إلى السلطان المذكور فخرج الأمر بالعمل بفتوى ابن هارون وأمر قاضي الجماعة بأن يكتب بذلك إلى قاضي باجة ففعل وهو الصواب وهو ظاهر عموم الروايات في المدونة وغيرها ( لا ) يشترط للحضانة ( إسلام ) في الأم ولا في غيرها ولو انتقلت من مسلم هذا هو المشهور .

وقال ابن وهب لا حضانة للكافرة ; لأن المسلمة إذا أثنى عليها بشر فلا حضانة لها فالكافر أولى . اللخمي وهو أحسن وأحوط للولد ، ويجاب للمشهور بأن الكافر الأصلي يقر على دينه والفاسق لا يقر على فسقه مع مراعاة خبر { ألا لا توله والدة عن ولدها } وخبر { من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة } .

( وضمت ) بضم الضاد المعجمة وشد الميم حاضنة أصالة كأم أو عروضا كمن تحضن [ ص: 427 ] لذكر كافرة ( إن خيف ) على المحضون أن تربيه على دينها أو تغذيه بخنزير أو خمر ، وصلة ضمت ( ل ) جيران ( مسلمين ) تبع في الجمع المدونة قالوا وتكفي مسلمة واحدة ( وإن ) كانت الأم ( مجوسية أسلم زوجها ) طفي مبالغة في استحقاقها الحضانة لا في الضم إذ لا تأتي المبالغة . ابن عرفة فيها وإن كانت مجوسية .




الخدمات العلمية