الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 250 ] سليمة عن : قطع أصبع ، وعمى ، وبكم ، وجنون وإن قل ، ومرض مشرف ، وقطع أذنين ، وصمم ، وهرم ، وعرج : شديدين ، وجذام ، وبرص ، وفلج بلا شوب عوض [ ص: 251 ] لا مشترى للعتق ومحررة له لا من يعتق عليه ، وفي إن اشتريته فهو عن ظهاري : تأويلان . [ ص: 252 ] والعتق ، لا مكاتب ، ومدبر ونحوهما ، أو أعتق نصفا فكمل عليه ، أو أعتقه ، أو لا أعتق ثلاثا عن أربع ،

[ ص: 250 ]

التالي السابق


[ ص: 250 ] سليمة ) أي الرقبة المؤمنة ( عن قطع أصبع ) وأولى أكثر ولو بآفة . وظاهره أي أصبع من يد أو رجل أصليا أو زائدا أحسن ، وتصرف وتعبيره بقطع يفيد أن نقصه خلقة لا يضر ، ونظر فيه البساطي ، ومفهوم " أصبع " أن قطع بعضه لا يضر ولو أنملتين وبعض الثالثة ، ويعارضه مفهوم أنملة فيما لا يمنع الإجزاء من أن قطع أنملة وبعض أخرى يضر ، وفي الحط ما يفيد اعتبار مفهوم ما هنا فإنه قال وانظر إذا ذهب أنملتان والأظهر الإجزاء لأن الخلاف في الأصبع .

( و ) سليمة من ( عمى ) وغشاوة لا يبصر معها إلا بعسر لا خفيفة وعشي وجهر فلا تشترط السلامة منها ( و ) سليمة من ( بكم ) بفتح الموحدة والكاف أي خرس ( و ) سليمة من ( جنون ) إن كثر ، بل ( وإن قل ) كمرة في شهر ( و ) سليمة من ( مرض مشرف ) بضم الميم وسكون الشين المعجمة وكسر الراء آخره فاء أي مقرب من الموت لشدته بأن بلغ صاحبه النزع أفاده الشارح وأبو الحسن ، ومفهومه عدم اشتراط السلامة من مرض غير مشرف وهو كذلك .

( و ) سليمة من ( قطع أذنين ) أو أذن واحدة ، وسواء كان القطع من أصلهما أو من أطرافهما ( و ) سليمة من ( صمم ) أي عدم سمع أو ثقله جدا ( و ) سليمة من ( هرم ) بفتح الهاء والراء ( و ) سليمة من ( عرج ) بفتح العين والراء ( شديدين ) نعت هرم وعرج ومفهومه أن الخفيفين لا تشترط السلامة منهما ( و ) سليمة من ( جذام قليل ) وأولى الكثير ( و ) سليمة من ( برص ) وإن قل ( و ) سليمة من ( فلج ) بفتح الفاء واللام آخره جيم أي يبس شق حال كون الرقبة ( بلا شوب ) بفتح الشين المعجمة وسكون الواو مصدر شاب أي خلط ( عوض ) في ذمة الرقيق بأن يعتقه عن ظهاره ودينار في ذمته يدفعه بعد نحو شهر ، وأما عتقه عن ظهاره بشرط أخذ دينار مثلا بيده فيجزئ ، [ ص: 251 ] لأن له انتزاعه قاله تت ، قال : ويحتمل ما في المدونة من أعتق عبده عن رجل وعن ظهاره على جعل يأخذه منه فولاؤه العتق عنه وعليه الجعل ، ولا يجزيه عن ظهاره . وعطف على بلا شوب بعض محترزه على عادته فقال ( لا ) يجزئ عتق رقيق ( مشترى ) بفتح الراء

بشرط كون شرائه ( للعتق ) عن ظهاره لشوب العوض لتقدير ترك البائع بعض ثمنه في نظير رضا المشترى بشرط عتقه ونعت رقبة ب ( محررة ) بضم الميم وفتح الحاء والراء أي معتقة ( له ) أي الظهار وعطف عليه بعض محترزه بقوله : ( لا ) يجزئ عتق ( من ) أي رقيق أو الرقيق الذي ( يعتق عليه ) أي المظاهر بمجرد ملكه لقرابته كأصله وفرعه وحاشيته القريبة ، أو تعليق عتقه على شرائه نحو إن اشتريته فهو حر لأن عتقه للقرابة أو التعليق لا للظهار ،

( و ) إن قال المظاهر ( إن اشتريته ) أي هذا الرقيق المعين ( فهو حر عن ظهاري ) ثم اشتراه وأعتقه عن ظهاره ففي إجزاء عتقه عنه وعدمه ( تأويلان ) البناني موضوع المسألة عند الأئمة من لا سبب فيه للعتق إلا التعليق المذكور ، وعبارة المدونة قال مالك رضي الله تعالى عنه ولا يجزيه أن يعتق عبدا ، قال إن اشتريته فهو حر ، فإن اشتراه وهو مظاهر فلا يجزيه ا هـ . ابن المواز عن ابن القاسم ولو قال : إن اشتريت فلانا فهو حر عن ظهاري فاشتراه فهو يجزيه . ا هـ . فحمل ابن يونس المدونة على العموم فما في الموازية خلاف ، وحملها الباجي على ما إذا لم يقل عن ظهاري فهو وفاق .

أبو عمران محلهما إذا علق بعد الظهار ، وأما إن علق ثم ظاهر فيجزئ اتفاقا وكأنه قال : إن اشتريته فهو حر عن ظهاري إن وقع مني ونويت العود ، وإن لم أنوه فلا يعتق ا هـ . وقال ابن يونس المسألتان سواء ، ونية العود في مسألة محمد أمكن لحصول الظهار فيها وكل مكفر عن ظهار فإنما يريد عن الظهار الذي منعه الوطء ليطأ ، فهذه نية العودة . [ ص: 252 ] ابن عرفة جرى في لفظ أبي عمران أولا الإشارة إلى وصف مناسب للتفريق بين مسألتي محمد وأبي عمران وهو أنه في مسألة محمد التزم عتقه للكفارة في وقت لا يستقر ملكه عليه لو ملكه لأنه قاله بعد ظهاره ، وفي مسألة أبي عمران التزم عتقه للكفارة في وقت يستقر ملكه عليه لو ملكه لأنه قاله قبل ظهاره وهو قول ابن عمران أولا لأنه لا يستقر عليه ملكه وبنفس شرائه يعتق ا هـ .

وقد سبقه إلى هذا التعليل أبو الحسن والله أعلم .

( و ) بلا شوب ( العتق ) فهو عطف على عوض وفي بعض النسخ وعتق بالتنكير أي خالية عن مخالطة العتق لغير الظهار لعتقها له ، وذكر محترزه بقوله ( لا ) يجزئ عتق ( مكاتب ومدبر ونحوهما ) ممن فيه شائبة حرية كأم ولد وولدها من غير سيدها ومعتق لأجل عن الظهار لوجود شائبة الحرية في الجميع ، وهذا إذا أعتق المكاتب أو المدبر سيده . وأما إن اشترى المظاهر مكاتبا أو مدبرا وأعتقه عن ظهاره ، وقلنا بمضي شرائه وعتقه كما صرح به المصنف في باب التدبير في قوله وفسخ بيعه إن لم يعتقه كالمكاتب فقيل يجزيه وقيل لا .

( أو ) أي ولا يجزئ إن ( أعتق ) المظاهر عن ظهاره ( نصفا ) مثلا من رقيق ( فكمل ) بضم فكسر مثقلا عتقه ( عليه ) أي المظاهر من الحاكم ( أو أعتقه ) أي المظاهر النصف الآخر عن ظهاره باختياره لأن شرط الإجزاء عتق الرقبة دفعة واحدة ( أو أعتق ) المظاهر ( ثلاثا ) من الرقاب ( عن أربع ) من النساء ظاهر منهن أو اثنين عن ثلاث أو رقبة عن اثنتين فلا يجوز له الاستمتاع بواحدة منهن حتى يعتق عن الباقي ، هذا إذا لم يقصد التشريك في كل رقبة ، وإن قصد التشريك في كل رقبة فلا يجزئ وإن ساوى عدد الرقاب عدد النساء كأربع عن أربع ، أو زاد عليه كأربع عن ثلاث وإن بين لكل امرأة رقبة أو أطلق حللن عند ابن القاسم لا عند أشهب . [ ص: 253 ] ابن عرفة وصرف عدد كفارات لمثله من ظهار مجز ولو دون تعيين إن لم يقتض شركة في رقبة أو في شهري صوم أو في مسكين للزوم تتابع الصوم ، وصحة تفريق إطعام المساكين ، فإن تساوى العددان فواضح ، وإن قل عدد الكفارات منع الوطء ما لم يبلغ عدد الظهار ولو لم يبق إلا واحدة لغلبة الحرمة فيما احتملها مساويا .




الخدمات العلمية