الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 232 ] ولزم بأي كلام نواه به ، لا بأن وطئتك وطئت أمي [ ص: 233 - 234 ] أو لا أعود لمسك حتى أمس أمي ، أو لا أراجعك حتى أراجع أمي : فلا شيء عليه :

التالي السابق


( ولزم ) الظهار ( بأي كلام ) وأبو الحسن الصغير لا حكم له في نفسه نحو كلي أو اشربي أو اخرجي أو اسقيني ( نواه ) أي الظهار ( به ) وهذه هي الكناية الخفية تخرج بقيد أبي الحسن صريح الطلاق وكنايته الظاهرة فلا يلزم بهما ظهار نواه بهما ذكره الغرياني في حاشية المدونة ، ونقله في تكميل التقييد وسلمه . وفي المقدمات مذهب ابن القاسم إذا قال الرجل لامرأته : أنت طالق ، وقال : أردت به الظهار ولزمه الظهار بما أقر به من نيته والطلاق بما ظهر من لفظه .

ابن عرفة وكنايته الخفية ما معناه مباين له ، وأريد منه إن لم يوجب معناه حكما اعتبر فيه فقط كاسقيني الماء وإلا فيهما كأنت طالق ، ثم قال ابن القاسم من قال لامرأته : أنت طالق وأراد به الظهار لزمه بإقراره ، والطلاق بظاهر لفظه وفيها : " كل كلام نوي به الظهار ظهار " .

( لا ) يلزمه طلاق ولا ظهار ( ب ) قوله ( إن وطئتك وطئت أمي ) ولم ينو به طلاقا ولا ظهارا ، نقله ابن عبد السلام والمصنف عن النوادر . ابن عرفة سمع يحيى بن القاسم من قال لجاريته : لا أعود لمسك حتى أمس أمي لا شيء عليه . ابن رشد لأنه كقوله لا أمس [ ص: 233 ] أمتي أبدا . قلت انظر هل مثل هذا قوله : إن وطئتك فقد وطئت أمي ، نقل ابن عبد السلام أنه لا شيء عليه ولم أجده لغيره ، وفي النفس من نقلة الصقلي عن سحنون شك لعدم نقلة الشيخ في نوادره ، وانظر هل هو مثل قوله : أنت أمي سمع عيسى أنه ظهار ، وهذا أقرب من لغوه لأنه إن كان معنى إن وطئتك وطئت أمي لا أطؤك حتى أطأ أمي فهو لغو ، وإن كان معناه وطئي إياك كوطء أمي فهو ظهار ، وهذا أقرب لقوله تعالى { قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل } ، ليس معناه لا يسرق حتى يسرق أخ له من قبل ، وإلا لما أنكر عليهم يوسف صلى الله عليه وسلم بل معناه سرقته كسرقة أخيه من قبل ، وإذا أنكر عليهم ا هـ .

الحط ما ذكره ابن عرفة ظاهر من جهة البحث ، وأما من جهة النقل فنقله ابن عبد السلام وضيح وابن يونس ، ونصه " وقال سحنون إن قال إن وطئتك وطئت أمي فلا شيء عليه ، وكلام ابن عرفة متدافع لقوله أولا لم أجده ثم قال نقله الصقلي عن سحنون ، وقوله في النفس من نقلة الصقلي شك . . . إلخ غير ظاهر ، لأن أمانة ابن يونس وثقته وجلالته معروفة ، ومن حفظ حجة على أن الشيخ لم ينف وجوده ا هـ على أن كلام ابن عرفة قصور ، إذ ما نقله الصقلي موجود لغيره ، ففي تعاليق أبي عمران ما نصه : " روى ابن ثابت عن ابن وهب عن مالك رضي الله عنه في الذي يقول لامرأته : لا أطؤك حتى أطأ أمي أو لا أعود لوطأتك حتى أعود لوطء أمي أنه ظهار ، وقال سحنون لا شيء عليه ا هـ " . وفي الوثائق المجموعة لابن فتوح ما نصه " قال سحنون ومحمد بن المواز عن مالك رضي الله عنه إن قال : أنت أمي في يمين أو غيرها فهو ظهار ، إن قال : وطئتك وطئت أمي فلا شيء عليه ا هـ " نقله أبو علي . قلت لا دليل له في كلام ابن عمران لما ذكره ابن عرفة من الترديد ، وقد ذكر بعض الثقات أنه رأى في النوادر مثل ما نقله الصقلي عن سحنون ، وبه يبطل قول ابن عرفة لعدم نقلة الشيخ في نوادره ، ونص ما نقله عنها من آخر ظهار الخصي والشيخ الفاني : " قال سحنون فيمن قال إن وطئتك وطئت أمي : فلا شيء عليه . [ ص: 234 ]

( أو ) قوله لزوجته أو أمته ( لا أعود لمسك حتى أمس أمي ) فلا شيء عليه . ابن رشد لأنه كقوله لا أمسك أبدا . عب ينبغي تقييده بما إذا لم ينو به طلاقا ولا ظهارا قياسا على التي قبلها ( أو ) قوله لزوجته المطلقة طلاقا رجعيا ( لا أراجعك حتى أراجع أمي فلا شيء عليه ) أي القائل في الصيغ الثلاثة إلا أن ينوي بها ظهارا أو طلاقا فيلزمه ما نواه .




الخدمات العلمية