الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبفصل القضاء ، وشهر أيضا القطع بالنسيان ، [ ص: 263 ] فإن لم يدر بعد صوم أربعة عن ظهارين موضع يومين : صامهما وقضى شهرين ، وإن لم يدر اجتماعهما : صامهما وقضى الأربعة ،

التالي السابق


( و ) انقطع تتابعه ( بفصل القضاء ) لما أفطره من الكفارة لمرض ونحوه عنها بما يجوز صومه وأفطره وأمافصله بما لا يجوز صومه كالعيد فلا يقطع التتابع ، وسواء فصله بذلك عامدا أو ناسيا أبو الحسن فلا يعذر بالنسيان الثاني وإلى هذا أشار بقوله ( وشهر ) بضم فكسر مثقلا ( أيضا القطع ) لتتابع الصوم بفصل القضاء ( بالنسيان ) فليس هذا مقابلا لقوله المتقدم ، وفيها نسيان كيف وقد حكى ابن راشد الاتفاق على ما فيها ، وقال ابن ناجي في شرحها ما ذكره في النسيان لم أعلم فيه خلافا . والذي شهر القطع بفصل القضاء نسيانا ابن رشد ونصه " تتابع كفارة الظهار والقتل فرض بنص التنزيل ، فلا يعذر أحد بتفريقها نسيانا على المشهور ، وإنما يعذر فيه بمرض أو حيض ، فإن مرض فأفطر في شهري صيامه أو أكل فيهما ناسيا قضى ذلك ووصله بصيامه ، فإن ترك وصله به ناسيا أو جاهلا أو متعمدا استأنف صيامه ، وعن محمد بن عبد الحكم أنه يعذر بالنسيان ا هـ . فلو كان تشهيره في مسألة المدونة كما زعم في ضيح وأنه مخالف للمدونة لنبه على مذهبها ، [ ص: 263 ] ولم يعزه لابن عبد الحكم وكلامها في الفطر نسيانا لا في فصل القضاء ، ولم يقع فيها خلاف كما علم من كلام ابن راشد وابن ناجي ، ولم يعز ابن عرفة وغيره لها إلا العذر بالنسيان وإنما عزوا عدم اغتفاره لغيرها أفاده طفي . ( فإن ) كان على المظاهر كفارتان لظهارين ، وصام عنهما أربعة أشهر وأفطر في يومين منها ناسيا وتذكرهما و ( لم يدر ) المظاهر ( بعد ) فراغ ( صوم أربعة ) من الأشهر ( عن ظهارين ) لزماه وقبل فطره في اليوم الذي بعدها ومفعول يدر ، ( موضع ) الـ ( يومين ) اللذين أفطرهما ناسيا هل هما من الأولى أو الثانية ، أو أولهما آخر الأولى وثانيهما آخر الثانية ، ولكن علم تواليهما واجتماعهما ، وجواب فإن لم يدر . . . إلخ .

( صامهما ) أي اليومين متصلين بأربعة الأشهر لاحتمال أنهما من الثانية وإصلاحها ممكن ( وقضى شهرين ) لاحتمال كونهما أو كون أولهما من الأولى ، وقد بطلت بفصل قضائها بالثانية فصوم اليومين مفرع على أن فطر النسيان لا يقطع التتابع ، وقضاء الشهرين مفرع على أن فصل القضاء نسيانا يقطعه .

( وإن لم يدر اجتماعهما ) أي توالي اليومين ( صامهما ) أي اليومين متصلين بالأشهر الأربعة لاحتمال اجتماعهما من الثانية وإصلاحها ممكن ( و ) قضى الأشهر ( الأربعة ) بناء على أن الفطر نسيانا يقطع التتابع ، وهو قول شاذ فرع ابن الحاجب المسألة عليه وتبعه المصنف ، وفرعها عليه أيضا ابن بشير وابن شاس إلا أنهما أجملا وفصل ابن الحاجب والمصنف ، ولا بد منه على التفريع ووجهه أنه إن علم اجتماعهما لم تبطل على كل احتمال ، إلا كفارة واحدة لأنهما إن كانا معا من الأولى في أولها أو أثنائها أو آخرها ، بطلت وحدها وإن كانا من أثناء الثانية بطلت وحدها ، وإن كان الأول آخر الأولى والثاني أول الثانية لم تبطل إلا الأولى ، فلذا لم يقض الأربعة ، وأما إن لم يعلم اجتماعهما فيحتمل ما ذكر ويحتمل أيضا أن يكون أحدهما من الأولى والثاني من أثناء الثانية فتبطلان معا ، [ ص: 264 ] فيقضي الأربعة فتحصل أن التفصيل بشقيه مفرع على أن النسيان يقطع التتابع ، وأما إن فرعنا على المشهور من أن الفطر نسيانا لا يقطع التتابع وأن فصل القضاء يقطعه فلا يقضي إلا شهرين فقط مع صوم يومين علم اجتماعهما أم لا ، وعليه فرع ابن رشد وهو الصواب وابن عرفة معرضا عن تفريع ابن الحاجب ثم صوم الأربعة عند من قال به مقيد بشكه في أمسه ، هل هو من اليومين المذكورين أم لا فإن تحقق سبقهما فيحتسب بالعدد الذي صامه ولم يتخلله فطر ويبني عليه بقية الأشهر الأربعة أفاده البناني .




الخدمات العلمية