الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 211 ] كالعبد لا يريد الفيئة ، أو يمنع الصوم بوجه جائز .

التالي السابق


وشبه في دخول الإيلاء فقال ( كالعبد ) يظاهر من زوجته و ( لا يريد الفيئة ) بالتكفير فيدخل عليه الإيلاء كدخوله على الحر المظاهر إذا امتنع منه مع قدرته عليه ( أو ) يريدها و ( يمنع ) بضم التحتية العبد ( الصوم ) عند إرادته التكفير به أي يمنعه سيده منه ( بوجه جائز ) لإضعافه عن خدمته الواجبة له عليه ، هذا ظاهر كلام المصنف ، وبه قرره " غ " قال وقد حصل ابن حارث فيه ثلاثة أقوال

الأول : لا يدخل الإيلاء عليه قاله مالك " رضي الله عنه " في الموطإ .

الثاني : أنه مؤل وهو الذي رواه محمد عن ابن القاسم عن مالك " رضي الله عنه "

الثالث : إن منعه سيده الصوم فليس بمؤل ، وإن لم يرد الفيئة فهو مؤل . وعلى الأول درج ابن الحاجب وتوجيهه في المنتقى والاستذكار ، وعلى الثاني مشى المصنف هنا ، ولا يصح كلامه على الأول ، فإذا تقرر أنه مؤل فلا فرق بينه وبين الحر في جريان الأقوال الثلاثة في مبدأ ضرب الأجل ، وفي كلام ابن عبد السلام تلويح بذلك إن كان لم يتناوله بالذات فقد ظهر من هذا أن التشبيه في قوله كالعبد أفاد فائدتين كونه مؤليا ، وجريان الأقوال الثلاثة في المبدأ فيه وبالله تعالى التوفيق ا هـ .

وتبعه تت في تقرير كلام المصنف ، ثم قال : وقال الشارح مراده أن العبد لا يلحقه الإيلاء إن ظاهر من امرأته ولم يرد الفيئة أو أرادها ومنعه سيده لضرره به في عمله ، فالتشبيه واقع بين هذه وبين مفهوم الشرط ، وتقديره وإن لم يكن المظاهر قادرا على التكفير لم يلحقه الإيلاء كالعبد لا يريد إلخ .

قال ولا تجري الأقوال الثلاثة السابقة هنا وما قرر به مثله لابن الحاجب ، وما قررناه به هي رواية ابن القاسم عن مالك " رضي الله عنه " ، ومثله للبساطي ، فالتشبيه في الوجه الثالث [ ص: 212 ] وهو تبين الضرر . طفي لا شك أن تقرير تت هو الصواب الذي تدل عليه عبارة المصنف ، وقد سبقه إليه " غ " ، إلا أنه جعل التشبيه في لزوم الإيلاء ، وجريان الأقوال الثلاثة وأبى ذلك تت في كبيره قائلا يحتاج جريان الأقوال الثلاثة إلى نقل ، وهو ظاهر لأن الذي في التوضيح عن ابن القاسم يضرب له الإيلاء إن رفعته ا هـ . فظاهره من يوم الرفع ، وبه تعلم أن جعل البساطي له من يوم تبين الضرر مخالف لما في التوضيح وإن أقره تت .

وأما تقرير الشارح فبعيد من كلام المصنف جدا وهو وإن كان تابعا لابن الحاجب التابع لما في الموطإ من عدم لزوم الإيلاء للعبد المظاهر مطلقا ، فقد قال الباجي في المنتقى : ظاهره وإن أذن له سيده في الصوم ، ولكن لم يوجد هذا لمالك " رضي الله عنه " ولا لأحد من أصحابه رضي الله تعالى عنهم على هذا التفسير ، ثم أول عبارة الموطإ انظره في التوضيح وابن عرفة [ ص: 213 ] وقد قبلاه حتى قال في التوضيح متروك على ابن عبد البر في إبقائه كلام الموطإ على ظاهره .

ظاهر كلامه أنه حمل الموطأ على أنه لا يلزمه إيلاء ألبتة ، وهذا شيء لم يقله مالك " رضي الله عنه " ولا أحد من أصحابه على ما قاله الباجي ا هـ .

ولا شك أنه على تقرير الشارح يلزم أنه لا إيلاء على العبد مطلقا . ولو أذن له سيده في الصوم إذ هو معنى قوله لا يريد الفيئة فيرد عليه أنه شيء لم يقله مالك " رضي الله عنه " ولا أحد من أصحابه .




الخدمات العلمية