الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 66 - 67 ] وإن قال : إن لم أتزوج من المدينة فهي طالق فتزوج من غيرها : نجز طلاقها ، وتؤولت على أنه إنما يلزمه الطلاق إذا تزوج من غيرها قبلها ، [ ص: 68 ] واعتبر في ولايته عليه حال النفوذ

التالي السابق


( ولو قال ) المكلف ( إن لم أتزوج ) امرأة ( من ) نساء ( المدينة ) المنورة بأنوار ساكنها عليه أفضل الصلاة والسلام مثلا ( فهي ) أي التي أتزوجها من غيرها ( طالق فتزوج ) الحالف ( من غيرها ) أي المدينة ( نجز ) بضم النون وكسر الجيم مثقلا أي حصل ( طلاقها ) بمجرد عقده عليها سواء تزوجها قبل تزوجه من المدينة أو بعده بناء على أنها قضية حملية في قوة كل امرأة أتزوجها من غير المدينة طالق ، هذا ظاهر المدونة والجواهر .

( وتؤولت ) بضم المثناة والهمز وكسر الواو مثقلة ، أي حملت المدونة ( على أنه ) أي الشأن ( إنما يلزم الطلاق ) فيمن تزوجها من غيرها ( إذا تزوج من غيرها ) أي المدينة ( قبل ) تزوجه من ( ها ) أي المدينة . عج هذا مدلول لفظه لتعليقه طلاق من يتزوجها من غيرها على عدم تزوجه منها ، فإن تزوج منها ثم تزوج من غيرها فلا تطلق لفقد الشرط . " ق " بناء على أنها شرطية في قوة إن تزوجت من غير المدينة قبلها فهي طالق ، فإن تزوج من المدينة ثم تزوج من غيرها فلا تطلق على هذا التأويل والمذهب الإطلاق فهي حملية وإن اشتملت على أن والتأويل ضعيف أفاده عب البناني .

ابن عرفة وفيها إن قال لم أتزوج من الفسطاط فكل امرأة أتزوجها طالق لزمه الطلاق فيمن يتزوجها من غيرها . اللخمي عن سحنون لا يحنث فيمن يتزوج من غير [ ص: 68 ] الفسطاط ، وتوقف عنها كمن قال إن لم أتزوج من الفسطاط فامرأته طالق ، والأول أشبه لأن قصد الحالف بمثل هذا أن كل امرأة يتزوجها قبل أن يتزوج من الفسطاط طالق . ابن محرز أحسب لمحمد مثل ما فيها .

ابن بشير هما على الخلاف في الأخذ بالأقل فيكون مستثنيا ، أو بالأكثر فيكون موليا . وقول ابن الحاجب بناء على أنه بمعنى من غيرها أو تعليق محقق يريد أن معناه على الأول حملية ، وعلى الثاني شرطية ، وتقريرهما مما تقدم من لفظ اللخمي واضح وقول " ز " عن " ق " بناء على أنها شرطية إلخ فيه نظر ، بل التأويلان معا مبنيان على أنها حملية ، أي كل من أتزوجها من غير المدينة طالق ، ثم هل مطلقا وهو فهم ابن راشد ، أو قبل التزوج من المدينة وهو فهم اللخمي ، تأويلان وإنما المبني على أنها شرطية قول ثالث لسحنون لم يذكره المصنف وهو أنه لا يحنث فيما يتزوجها من غير المدينة قبل تزوجه منها ، بل يوقف عنها حتى يتزوج من المدينة كما تقدم عن ابن عرفة . وقوله والمذهب الإطلاق والتأويل ضعيف تبع فيه ما في التوضيح تبعا لابن راشد من أن الأول هو المشهور . " غ " وفيه نظر ، فإن اللخمي لم يفهم المدونة عليه ، وكذا ابن محرز وما عول ابن عبد السلام إلا على كلامهما وهو يفيد أن المعول عليه هو الثاني .

( واعتبر ) بضم المثناة وكسر الموحدة ( في ولايته ) أي استيلاء الزوج ( عليه ) أي المحل وهي العصمة ونائب فاعل اعتبر ( حال النفوذ ) أي وقوع الطلاق أو الظهار الذي علقه الزوج تبعا لحصول المعلق عليه لا حال التعليق إذا كانت اليمين منعقدة ولو في الجملة ، فيشمل قوله الآتي ولو علق عبدا لثلاث إلخ ، فإن لم تنعقد حال التعليق لصبا أو إكراه أو جنون فلا يعتبر حال النفوذ ، فإن علق الصبي أو مكره أو مجنون ثم بلغ أو زال الإكراه أو أفاق وحصل المعلق عليه فلا شيء عليه لعدم انعقاد اليمين ، وفيها والنوادر من قال عليه الطلاق أو العتق لأفعل كذا ، وليس له حينئذ زوجة ولا رقيق ولم يفعله حتى تزوج أو ملكه ، فلا حنث عليه لعدم انعقاد يمين عليه حال النطق بها ، فلا تلزمه فيما تجدد له بعدها من زوجة أو رقيق قبل وقوع المعلق عليه أو بعده .




الخدمات العلمية