[ ص: 328 ] 203 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذي عض ذراع رجل فانتزعها فسقطت ثنيتا العاض
1291 - حدثنا قال : حدثنا علي بن معبد قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد وهو ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى عمران بن حصين أن رجلا عض آخر على ذراعه فجذبها ، فانتزعت ثنيتاه ، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أردت أن تأكل أو تقضم - شك سعيد - لحم أخيك كما يأكل أو يقضم الفحل . فأبطلها .
1292 - حدثنا قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا أسد بن موسى ، عن شعبة ، عن قتادة سمعه يحدث عن زرارة بن أوفى عمران بن الحصين أن رجلا عض يد رجل فقال بيده [ ص: 329 ] هكذا ، ونزع يده ، فوقعت ثنيتاه . فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل ! لا دية لك .
1293 - حدثنا قال : حدثني إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد يعلى بن أمية
أن رجلا عض يد رجل ، فانتزع يده من فيه ، فسقطت ثنيتا العاض . فارتفعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيعض أحدكم أخاه كما يعض البكر ؟ فأبطلها .
[ ص: 330 ]
1294 - حدثنا قال : حدثنا يونس قال : حدثنا ابن وهب ، عن ابن جريج أن عطاء بن أبي رباح صفوان بن يعلى بن أمية حدثه عن قال : يعلى بن أمية غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة العسرة ، وكانت أوثق أعمالي في نفسي . فكان لي أجير فقاتل إنسانا ، فعض أحدهما صاحبه ، فانتزع أصبعه فسقطت ثنيتاه . فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهدر ثنيتيه .
قال عطاء : حسبت أن صفوان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيدع يده في فيك فتقضمها كقضم الجمل . ؟
[ ص: 331 ]
1295 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن عطاء بن أبي رباح صفوان بن عبد الله بن صفوان ، عن عميه سلمة بن أمية قالا : ويعلى بن أمية خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ومعنا صاحب لنا ، فقاتل رجلا من المسلمين ، فعض الرجل ذراعه فجذبها من فيه فنزع ثنيته . فأتى الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتمس العقل . فقال : ينطلق أحدكم إلى أخيه فيعضه عضيض الفحل ، ثم يأتي يطلب العقل ؟ لا عقل لها . فأبطلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 332 ] قال : وفي حديث أبو جعفر هذا ، عن ابن إسحاق عطاء ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان . وهذا من الخطإ غير مشكل ؛ لأن صفوان بن عبد الله بن صفوان رجل من قريش من بني جمح ، ويعلى صاحب هذا الحديث فليس من قريش من أنفسها ، وإنما هو حليف لها ، وهو رجل من بني تميم قديم السكنى بمكة .
ثم تأملنا هذا الحديث بعد وقوفنا على اختلاف أهل العلم في هذه الجناية المذكورة فيه ، وأن منهم من لا يبطل عقل ثنيتي العاض عن المعضوض ، منهم ابن أبي ليلى . وقد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب من أحوال شاهر السلاح ما قد ذكرناه فيه ، وأنه إنما حل للمشهور عليه دم الشاهر إذ كان الشاهر لو تم منه في الذي شهر عليه السلاح ما شهره عليه من أجله .
فقال قائل : فالعض مما لا قود فيه ؛ لأنه كسر للعظم المعضوض ؛ ألا ترى إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيدع يده في فيك فتقضمها كما يقضم الفحل ؟ فهذا دليل على أن فيها كسر العظم ، وكسر العظم لا قود فيها .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن القضم المذكور في هذا الحديث ليس هو كسر العظم كما توهم ؛ لأن القضم عند العرب هو القضم بأطراف الأسنان الذي لا يبلغ هذا ، وإنما الذي يبلغه عندهم هو الخضم وهو التمكن بالأسنان كلها ، فذلك مما قد [ ص: 333 ] يأتي على العظم .
ولما كان ما ذكرنا كما وصفنا كان القضم إنما يأتي على جلدة الذراع أو يتجاوزها إلى اللحم الذي بينها وبين العظم ، فإذا تجاوزها إلى ذلك أوضح العظم ، فعاد معناه في الذراع إلى معنى الموضحة في الرأس التي توضح العظم ، وفيها القود باتفاق المسلمين . فمثلها وضوح عظم الذراع ففيه القود أيضا .
ولما كان فيه القود إذا تم ذلك العقل كان للذي قصد به إليه إزالته عن نفسه ليصل بذلك إلى الواجب له فيما حل به منه ، ولو كان العاض مجنونا أو صبيا لم يبلغ فكان من المعضوض في ذلك مثل الذي ذكرنا في هذا الحديث ، كان على المعضوض قيمة ثناياه فقد وافق ما حملنا عليه ما في هذا الباب ما حملنا عليه ما في الباب الذي قبله . والله نسأله التوفيق .