[ ص: 397 ] 66 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام في الحسد ، هل يتسع لأحد من الناس في حال من الأحوال أم لا
453 - حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة يزيد بن خمير ، عن ، { عن سليم بن عامر أوسط البجلي ، أنه سمع رضي الله عنه يخطب فقال : أبا بكر أبو بكر فقال : سلوا الله المعافاة ، فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئا ، هو أفضل من المعافاة } ، وفيه { ألا وعليكم بالصدق ، فإنه مع البر ، وهما في الجنة ، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور ، وهما في النار ، لا تدابروا ، ولا تقاطعوا ، ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله عز وجل إن رسول الله عليه السلام خطبنا عام أول ، ثم بكى } .
[ ص: 398 ]
454 - حدثنا ، أخبرنا يونس ، أن ابن وهب أخبره عن مالكا عن ابن شهاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أنس لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال } .
455 - حدثنا ، حدثنا أبو أمية ، حدثنا روح بن عبادة ، ابن جريج ، عن وزكريا بن إسحاق ، أخبرني ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أنس لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال } ، ولم يذكر فيه : ولا تحاسدوا .
456 - وحدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا روح بن عبادة ، عن شعبة ، [ ص: 399 ] عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أنس لا تقاطعوا ، ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخوانا } .
457 - حدثنا ، أخبرنا يونس : أن ابن وهب حدثه عن مالكا ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تنافسوا ، وكونوا عباد الله إخوانا } .
ففيما روينا النهي من رسول الله عليه السلام عن الحسد نهيا مطلقا ، وقد وافق ذلك كتاب الله تعالى قال الله تعالى : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله .
فقال قائل : فمن أين انطلق لكم مع هذا أن تقبلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد رويتموه عنه " لا حسد إلا في اثنتين " ؟ وذكر :
458 - ما قد حدثنا ، يزيد بن سنان قالا : حدثنا وبكار ، حدثنا أبو عامر العقدي ، عن سفيان ، عن إسماعيل ، [ ص: 400 ] عن قيس ، عن النبي عليه السلام قال : { ابن مسعود لا تحاسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ، ورجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق } .
459 - وما قد حدثنا ، أخبرنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبيه لا حسد إلا على اثنتين : رجل آتاه الله هذا الكتاب فقام به آناء الليل وآناء النهار ، ورجل أعطاه الله مالا فتصدق آناء الليل وآناء النهار } .
460 - وما قد حدثنا ، حدثنا أبو أمية ، وما قد حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن عثمان بن عمر بن فارس ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله . أبيه
وما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا وهب بن جرير قال : [ ص: 401 ] سمعت أبي النعمان بن راشد يحدث عن ، عن الزهري ، عن سالم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله . أبيه
461 - وما قد حدثنا ، أخبرنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن نصر المروزي أيوب بن سليمان بن بلال ، حدثنا أبو بكر يعني : ابن أبي أويس ، عن ، عن سليمان ، وهو ابن بلال ، عن صالح بن كيسان : أن إسماعيل بن محمد بن سعد ، سالم بن عبد الله قد حدثاه أن ونافعا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله . عبد الله بن عمر
462 - وما قد حدثنا ، حدثنا أبو أمية ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن شيبان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : قال رسول الله عليه السلام : { أبي هريرة لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقه } .
463 - وما حدثنا ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا [ ص: 402 ] أبو كريب ، حدثنا يحيى بن آدم يزيد بن عبد العزيز ، عن ، عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : قال رسول الله عليه السلام : { أبي سعيد الخدري لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، فيقول رجل : لو آتاني الله مثل ما آتى فلانا فعلت فيه مثل ما فعل ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقه ، فيقول رجل : لو آتاني الله مثل ما آتى فلانا فعلت فيه مثل ما فعل } .
فكان جوابنا له : أن الحسد ينقسم قسمين : فقسم منهما حسد لمن أوتي شيئا على ما أوتيه منه وتمن من الحاسد أن يكون ذلك الشيء له دون الذي آتاه الله إياه ، فذلك ما هو مذموم ممن يكون منه .
وقسم منهما : حسد لمن آتاه الله شيئا وتمن من الحاسد أن يؤتى مثل ذلك الشيء لا أن ينقل ذلك الشيء بعينه من المحسود حتى يخلو منه ، ويكون للذي حسده دونه . وقد بين الله هذين المعنيين في كتابه فقال : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض إلى قوله : واسألوا الله من فضله أي حتى يؤتيكم مثله ، ويبقى من حسدتموه معه ما آتاه الله إياه غير مستنقص منه شيئا .
فكان الحسد الذي فيه تمني نقل الشيء المحسود عليه عمن آتاه الله إياه إلى حاسده عليه مذموما ، والحسد الذي ليس فيه ذلك التمني ، وإنما [ ص: 403 ] فيه حسد الحاسد المحسود على ما آتاه الله حتى يؤتيه الله من فضله مثله ليس بمذموم .
وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي كبشة الأنماري الذي رويناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا الذي حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { مثل الدنيا مثل أربعة : رجل آتاه الله علما وآتاه مالا ، فهو يعمل في ماله بعلمه ، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول : لو كان لي من المال مثل ما لفلان لفعلت فيه الذي يفعل أي : في ماله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهما في الأجر سواء } .
وقد ثبت أيضا في حديث يزيد بن عبد العزيز ، عن ، عن الأعمش أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد رويناه في هذا الباب .
فقد بان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء لما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن كل واحد من الحسدين - مما قد ذكرناه في هذا الباب اللذين ذكرهما فيه فذم على أحدهما ، ولم يذم على الآخر - متباينان في أحدهما ما ينبغي للناس أن يكونوا عليه ، وفي الآخر ما ينبغي للناس أن لا يكونوا عليه ، وبالله التوفيق .