[ ص: 428 ] 655 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أصاب امرأته وهي حائض .
4226 - حدثنا حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح بكر بن خلف حدثنا ، عن يزيد بن زريع حدثنا شعبة ، عن الحكم مقسم .
عن رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار أو بنصف دينار .
[ ص: 429 ] فتأملنا هذا الحديث في إسناده لنعلم حقيقته كيف هي .
فوجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال أخبرني شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الحميد أمير الكوفة مقسم .
عن ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار أو بنصف دينار . : شك الحكم . شعبة
[ ص: 430 ] فوقفنا بذلك على أن الحكم لم يكن حدث بهذا الحديث ، عن شعبة مقسم سماعا له منه وعلى أنه إنما كان أخذه عن عبد الحميد ، عن مقسم فدلس به ، ثم نظرنا هل روى هذا الحديث عن الحكم غير أم لا . شعبة
فوجدنا عبد الله بن محمد بن خشيش قد حدثنا ، قال : حدثنا حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، عن أبو عوانة ، عن الحكم مقسم .
عن رضي الله عنهما - ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم - ابن عباس . في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار
فكان في هذا الحديث موافقة أبي عوانة فيما حدث به عنه شعبة ، وموافقة يزيد بن زريع حجاج فيما حدث به عن من إيقافه هذا الحديث على شعبة . ابن عباس
ووجدنا فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن أبو بكر بن عياش الأجلح ، عن ، عن الحكم مقسم .
[ ص: 431 ] عن رضي الله عنهما - ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم - ابن عباس . في الذي يقع على امرأته وهي حائض قال : يتصدق بنصف دينار
فكان الأجلح أيضا قد وافق أبا عوانة في إسناد هذا الحديث ، عن الحكم .
ثم نظرنا هل رواه عن مقسم غير الحكم .
4227 - فوجدنا محمد بن عمرو بن يونس قد حدثنا ، قال : حدثنا ، عن أسباط بن محمد ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة مقسم .
عن رضي الله عنهما ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا غشي امرأته وهي حائض أن يتصدق بدينار أو بنصف دينار .
ثم نظرنا هل حدث قتادة سعيدا بهذا الحديث ، عن مقسم بسماعه إياه منه أو بما سوى ذلك .
4228 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق عبادة بن صهيب حدثنا ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عبد الحميد مقسم .
عن رضي الله عنهما ابن عباس أن رجلا غشي امرأته وهي حائض فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمره أن يتصدق بدينار أو [ ص: 432 ] بنصف دينار .
فوقفنا بذلك على أن قتادة إنما حدث سعيدا بهذا الحديث عن مقسم تدليسا لا بسماعه إياه منه ، ثم نظرنا هل سمعه قتادة من عبد الحميد أم لا .
4229 - فوجدنا الحجاج بن عمران بن الفضل المازني البصري أبا عبد الله قد حدثنا حدثنا حدثنا هدبة بن خالد حماد بن الجعد ، عن ، عن قتادة ، عن الحكم ، عن عبد الحميد مقسم .
عن رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار أو بنصف دينار .
فوقفنا بذلك على أن قتادة لم يسمعه من عبد الحميد فإنه إنما [ ص: 433 ] حدث به عن الحكم ، عن عبد الحميد ، والله أعلم أسمعه من الحكم أم لا .
ثم نظرنا هل رواه عن مقسم غير عبد الحميد .
4230 - فوجدنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي قد حدثنا ، قال : حدثنا ( ح ) ووجدنا الهيثم بن جميل فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني قال الحسن حدثنا وقال شريك فهد أخبرنا ، عن شريك ، عن خصيف مقسم .
عن رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس في الذي يقع على امرأته وهي حائض قال : يتصدق بنصف دينار .
ووجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا ، قال : حدثنا حدثنا حجاج بن منهال أنبأنا حماد بن سلمة ، عن خصيف الجزري مقسم .
عن رضي الله عنهما - ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم - ابن عباس
قال في الذي [ ص: 434 ] يغشى امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار أو بنصف دينار . : فكان حديث أبو جعفر هذا مما لم نقف على اضطراب في إسناده ولكنه قد وقع فيه بين خصيف حماد وبين شريك في متنه من الاختلاف ما قد ذكرناه في روايتيهما ، ورفعه شريك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووافقه حماد على رضي الله عنهما . ابن عباس
ثم نظرنا هل رواه عن مقسم أحد غير من ذكرنا .
4231 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود داود بن مهران الدباغ حدثنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الكريم الجزري مقسم .
عن رضي الله عنهما قال ابن عباس سفيان أراه .
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أتى الرجل امرأته وهي حائض في الدم العبيط تصدق بدينار ، وإن كانت صفرة فبنصف دينار .
[ ص: 435 ]
4232 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن أعين البغدادي ، أخبرنا علي بن الجعد ، عن أبو جعفر الرازي ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق مقسم .
عن رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله . ابن عباس
فكان هذا الحديث قد حدث به ، عن ابن عيينة وهو مقبول الرواية وحدث به عبد الكريم الجزري ، عن أبو جعفر الرازي عبد الكريم بن أبي المخارق وهو مغمور في روايته وكلاهما حدث به ، عن مقسم ، عن . وشك فيه ابن عباس أن يكون ابن عيينة عبد الكريم [ ص: 436 ] رفعه له أم لا ، ولم يشك فيه عبد الكريم أبو أمية أنه مرفوع .
ثم نظرنا هل رواه عن غير ابن عباس مقسم .
4233 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي حدثنا أسد بن موسى حدثني الوليد بن مسلم أنه سمع عبد الرحمن بن يزيد بن تميم علي بن بذيمة الجزري يقول : سمعت يقول : سمعت سعيد بن جبير يقول : ابن عباس : وقيمة النسمة يومئذ دينار ابن عباس أخبر رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتى امرأته وهي حائض فأمره أن يعتق نسمة . قال .
فكأن هذا الحديث قد رجع إلى عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، وليس كمن روى هذا الحديث سواه ممن ذكرنا فيما تقدم منا في هذا الباب ، وكشفنا عن أحوال هذا فوجدنا عبد الرحمن بن يزيد البخاري قد ذكر أنه رجل من أهل الشام وأنه يحدث بأحاديث [ ص: 437 ] منكرات ، وأنه كان قدم الكوفة فكتب عنه غير واحد من أهلها ونسبوه إلى جابر فقالوا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وهم يرونه وليس به . عبد الرحمن بن يزيد
4234 - ووجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا حدثنا حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة عطاء العطار ، عن . عكرمة
عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس في الذي يغشى امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار .
وكان عطاء هذا عند أهل العلم بالإسناد هو أبو يزيد بن عطاء غير أن البخاري نسبه إلى البز ولم ينسبه إلى العطر ، وقد يحتمل أن [ ص: 438 ] يكون كان عطارا بزازا فنسبه قوم إلى البز ونسبه قوم إلى العطر .
4235 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد ، عن حماد بن سلمة عطاء العطار ، ثم ذكر بإسناده مثله .
ثم نظرنا هل روى هذا الحديث أيضا عن عبد الحميد غير العراقيين أم لا .
4236 - فوجدنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي قد حدثنا ، قال : حدثنا ، عن محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن عبد الحميد بن زيد يعني يزيد بن أبي مالك ولم يتجاوز به . عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب
قال امرأة تكره الجماع فكان إذا أرادها اعتلت بالمحيض فظن أنه ليس كما تقول فوقع عليها فإذا هي حائض فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمره أن يتصدق بخمسي دينار . لعمر بن الخطاب كانت
فكان في هذا الحديث مما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتصدق به أقل مما في الأحاديث الأول ، وكانت الأحاديث الأول أولى عندنا من هذا [ ص: 439 ] الحديث لثبت رواتها ولتجاوزهم في المقدار يزيد بن أبي مالك .
ثم نظرنا هل روى هذا الحديث أيضا ، عن مقسم غير من ذكرنا .
4237 - فوجدنا فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن أبو بكر يعني ابن عياش ابن عطاء يعني يعقوب ، عن مقسم .
عن ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس في الذي يقع على امرأته وهي حائض : يتصدق بدينار أو بنصف دينار .
ثم تأملنا هذا الحديث فوجدناه إذا ثبت كان الذي فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقع في السبب المذكور فيه بالصدقة بالمقدار المذكور فيها ، فعقلنا بذلك أن تلك الصدقة التي أمره بها قربة إلى الله عز وجل فاحتمل أن يكون كفارة عن ما كان منه واحتمل أن يكون قربة لا لأنها كفارة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة عند كسوف الشمس لتكون قربة لا كفارة .
4238 - كما حدثنا أخبرنا يونس أن ابن وهب حدثه ، عن [ ص: 440 ] مالكا ، عن هشام بن عروة . أبيه
عن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عائشة إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تبارك وتعالى لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله عز وجل وكبروا وتصدقوا وهو أولى الاحتمالين .
فقال قائل : ولم كان ما تأولت في تلك الصدقة بالقربة أولى من الكفارة ؟
فكان جوابنا له في ذلك أنا وجدنا الكفارات التي أمر الله عز وجل بها في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم منها ما قد خلط فيه الصيام بغيره وهي آية جزاء الصيد فقال عز وجل فجزاء مثل ما قتل من النعم ، ومثلها أيضا آية الفدية في حلق المحرم رأسه من أذى وهي قوله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .
ومنها ما أمر به في كتابه في كفارات الأيمان عند إعواز الرقبة والكسوة والإطعام وهي قوله عز وجل فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فكان ذلك صياما محولا عند الإعواز بدلا مما قبله مما ليس بصيام ، ومثل ذلك ما جعله عز وجل من الصيام بدلا عن الكفارة عن القتل الخطأ بقوله فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين . [ ص: 441 ] ومثل ذلك كفارة الظهار لمن لم يجد رقبة بصوم شهرين متتابعين ، فإن لم يقدر أطعم ستين مسكينا ، ومثل ذلك ما بينه لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في المجامع في صيامه متعمدا مما هو مثل ذلك ، فكان ما جعله الله عز وجل كفارة قد خلطه بالصيام أو جعل له بدلا من صيام ، وكان ما أمر به المجامع في حال الحيض لم يخلطه بصيام ولم يجعل صياما بدلا منه عند الإعواز كما أمر بالصدقة عند الوجود ، فعقلنا بذلك أن ما أمر به من ذكرنا للجماع في الحيض كان صدقة قربة لا صدقة كفارة .
فقال قائل : فقد رأينا المحرم يجامع في إحرامه فيكون عليه الدم بلا صيام معه وبلا صيام بدلا منه عند الإعواز له فما تنكرون أن تكون كذلك الصدقة التي أمر بها صلى الله عليه وسلم في الجماع في الحيض كفارة لا بدل لها . فكان جوابنا له في ذلك أن الذي ذكره من الدم في الجماع بغير بدل له من صيام وبغير مخالطة لصيام إياه إنما يقوله الكوفيون ولهم في ذلك مخالفون من أهل العلم ممن سواهم .
منهم رحمه الله كان يقول في الجماع في الإحرام : إن فيه فدية من صيام أو صدقة أو نسك كالواجب في حلق الرأس في الإحرام من أذى . مالك بن أنس
ومنهم رحمه الله كان يقول : إنه يوجب الدم في هذا [ ص: 442 ] ثم يقوم الدم فيصرف ثمنه بعد العجز عن الدم كما يصرف مثله في جزاء الصيد الذي يصيبه المحرم في إحرامه ، وكان الذي قاله الشافعي في ذلك عندنا أولى ما قيل فيه ; لأن الإحرام قد حرم الجماع وحرم حلق الرأس وحرم اللباس ، وكان من فعل شيئا من ذلك بلا ضرورة إليه آثما ، ومن فعله بضرورة إليه غير آثم ، وكانت الكفارات الواجبة في ذلك على الفعل لا ما سواه غير أنها إذا كانت بإصابة على ضرورة لا إثم معها ، وإذا كانت على غير ضرورة فمعها الإثم ، فكانت الكفارة واجبة للفعل لا لما سواه وكان قتل الصيد انتهاك حرمة من غير الأبدان ، وحلق الشعر انتهاك حرمة البدن ، فبعض أسباب البدن ببعض أسباب البدن أشبه منها بالصيد الذي ليس من أسباب البدن . مالك بن أنس
وإذا كان ما ذكرنا كذلك لم يكن فيما احتج به هذا المحتج علينا له حجة فيما احتج به علينا ، ثم نظرنا هل تقدم هؤلاء المختلفين في هذا المعنى أحد ممن قبلهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ؟
فوجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا ، قال : حدثنا حدثنا حجاج بن منهال ، عن أبو عوانة ، عن أبي بشر . سعيد بن جبير
عن رضي الله عنهما قال ابن عباس بالبيت وبين الصفا والمروة فوقع علي قبل أن أقصر فقال : شبق شديد ، فاستحيت المرأة فقامت ، فقال : على المرأة فدية من صيام أو صدقة أو نسك : صيام ثلاثة أيام أو إطعام ثلاثة مساكين أو تنسكين نسكا ، فقالت : أي ذلك [ ص: 443 ] أفضل ؟ قال : النسك ، قالت : أي النسك أفضل ؟ قال : اذبحي بقرة أو انحري ناقة ، فقالت : أي ذلك أفضل ؟ قال : انحري ناقة . أتته امرأة فقالت : إني خرجت مع زوجي فأهللنا بعمرة فطفت
فكان ما رويناه عن في ذلك موافقا لما ذكرناه عن ابن عباس مالك سواء ، فهو أولى الأقوال عندنا في هذا الباب وإليه كان يذهب أحمد بن أبي عمران ، وبالله التوفيق .