[ ص: 141 ] 235 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبب الذي نزلت فيه : غير أولي الضرر بعد أن نزل قبلها لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم . الآية .
1496 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، عن حجاج ، قال : أخبرني ابن جريج ، أن عبد الكريم مقسما مولى عبد الله بن الحارث ، يحدث عن ، أنه سمعه يقول : ابن عباس عبد بن جحش الأسدي أبو أحمد وابن أم مكتوم إنا أعميان يا رسول الله ، فهل لنا من رخصة ؟ فنزلت : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ... } { : لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر ، والخارجون إلى بدر . قال : لما نزل غزو بدر ، قال :
[ ص: 142 ]
1497 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثني عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، قال : حدثني إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، { عن ابن شهاب ، أنه قال : سهل بن سعد الساعدي جالسا في المسجد ، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن مروان بن الحكم أخبره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه : زيد بن ثابت لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله . قال : فجاءه وهو [ ص: 143 ] يمليها علي ، فقال : يا رسول الله ، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت ، وكان رجلا أعمى ، فأنزل الله على رسوله وفخذه على فخذي ، فثقلت حتى خفت أن ترض فخذي ، ثم سري عنه ، فأنزل الله : ابن أم مكتوم غير أولي الضرر . رأيت
1498 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، قال : حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري ... ثم ذكر بإسناد مثله . إبراهيم بن سعد
1499 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : وأخبرني عبد [ ص: 144 ] الله بن وهب ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبيه زيد : وأنا إلى جنبه - فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فما وجدت ثقل شيء هو أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سري عنه ، فقال لي : اكتب : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم . الآية كلها . قال : زيد فكتبت ذلك في كتف ، فقام وكان رجلا أعمى حين سمع تفضيله المجاهدين على القاعدين ، فقال : يا رسول الله ، كيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين ؟ قال ابن أم مكتوم خارجة : قال زيد : فما قضى كلامه - أو قال : فما هو إلا أن قضى كلامه - فغشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي ، فوجدت من ثقلها المرة الثانية مثل ما وجدت منها في المرة الأولى ، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اقرأ ، فقرأت : ابن أم مكتوم لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : غير أولي الضرر ، فألحقتها فكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع من الكتف . { أن السكينة غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال
[ ص: 145 ]
1500 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قالا : حدثنا وروح بن عبادة القيسي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : البراء بن عازب لا يستوي القاعدون من المؤمنين جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشكا ضرارته فنزلت : ابن أم مكتوم غير أولي الضرر . لما نزلت هذه الآية :
1501 - حدثنا الحسن بن غليب ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، عن عبد الرحيم بن سليمان ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق ، قال : البراء بن عازب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله
[ ص: 146 ] فقال : يا رسول الله ، فما تأمرني ؛ فإني لا أستطيع الجهاد ؟ فأنزل الله مكانه : ابن أم مكتوم غير أولي الضرر . لما نزلت :
1502 - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن { أبو إسحاق ، قال : البراء بن عازب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ، فجاء ومعه اللوح والدواة - أو الكتف - فقال : اكتب : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ، وخلف ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمى ، فقال : يا رسول الله ، أنا ضرير البصر ، قال : فنزلت مكانها : ابن أم مكتوم لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله لما نزلت .
وحدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق في قوله عز وجل : البراء بن عازب لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر . ابن أم مكتوم قال :
[ ص: 147 ]
حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق أبو الوليد الطيالسي ، قالا : حدثنا ومسلم بن إبراهيم الأزدي أبو عقيل ، قال : حدثنا ، قال : أبو نضرة عن قوله عز وجل : ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر . الآية . قال : أقوام حبستهم أمراض وأوجاع ، وكان أولئك أولي الضرر ، وكان القاعد المريض أعذر من القاعد الصحيح . ابن عباس سألت
حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي أبي عقيل ، عن ، قال : أبي نضرة ، عن قول الله عز وجل : ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر . قال : كان قوم يعرض لهم أوجاع وأمراض . سألت
[ ص: 148 ] قال : فإن قال قائل : أفيكون ما في حديث أبو جعفر هذا عن أبي نضرة مخالفا لما في حديث ابن عباس مقسم ، عن الذي قد رويته في هذا الباب ؛ لأن في ذلك أنه نزلت : ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ، ثم أنزل بعدها : غير أولي الضرر . وفي حديث ذكر ذلك كله نسقا ، فظاهره يوجب أن نزولها كلها كان معا . أبي نضرة
قيل له : ما بينهما اختلاف ؛ لأن حديث مقسم إنما فيه إخبار عن سبب نزولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان ، وحديث ابن عباس إنما فيه عن أبي نضرة الإخبار بتأويلها الذي استقر عليه أمرها ، وكان ذلك منه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكل واحد منه ومن حديث ابن عباس مقسم في معنى غير المعنى الذي فيه صاحبه ، وإن كان ما استقرت عليه الآية فيهما جميعا مؤتلفا غير مختلف .
1503 - حدثنا ، إبراهيم بن مرزوق ، جميعا قالا : حدثنا وعلي بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثني عبد الواحد بن زياد عاصم بن كليب ، قال : حدثني أبي ، عن { الفلتان بن عاصم الجرمي أنه قال : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ، [ ص: 149 ] فقام الأعمى ، فقال : يا رسول الله ، ما ذنبنا ؟ فأنزل الله عليه ، فقلنا للأعمى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه ، قال : فبقي قائما يقول : أتوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : للكاتب اكتب : غير أولي الضرر كنا قعودا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل عليه ، وكان إذا أنزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه ، وفرغ سمعه وبصره لما جاءه من الله عز وجل ، فلما فرغ قال للكاتب اكتب : ، فقال قائل : كيف تقبلون هذه الأخبار ، وتثبتون بها أن نزول هذه الآية كان في البدء لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ، وفي ذلك تفضيل المجاهدين في سبيل الله على القاعدين بعذر ، وبغير عذر ، والقاعدون بعذر لم يقعدوا اختيارا لترك الجهاد ، وإنما قعدوا عجزا عن الجهاد ، فكيف يجوز أن يستوي في ذلك فضل [ ص: 150 ] المجاهدين على القاعدين المعذورين ، ويكونون في ذلك مع العذر الذي معهم ، كمن سواهم من القاعدين ممن لا عذر معهم .
وكيف يجوز أن يكون ذوو الضرر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في الفقه على ما هم عليه منه ، والقرآن أيضا نزل بلغتهم يظنون بالله عز وجل أنه سوى في ذلك بينهم مع العذر الذي معهم وبين غيرهم من القاعدين عن الجهاد ممن لا عذر معه ، وقد سمعوا الله عز وجل يقول : لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ، ولم يؤتهم الله القوة على الجهاد ، وسمعوه يقول : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وأعظم أن تكون هذه الأخبار على ما قد ذكر فيها ، وقال : محال أن يكون كان نزول هذه الآية إلا كما يقرؤها : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم . الآية .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن هذه الآثار التي رويناها آثار صحاح ثابتة لا يدفع العلماء صحتها ، ولا يطعنون في أسانيدها ، ولا يختلفون أن الآية المذكورة فيها كان بدء نزولها : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، وأن ابن أم مكتوم وأبا أحمد بن جحش لما ذكرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عجزهما عن الجهاد بالضر الذي بهما أنزل الله : غير أولي الضرر ، فصارت الآية : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ، ولم يكن ذلك عندنا والله أعلم على أن الله عز وجل أرادهما وأمثالهما بهذه الآية مع عجزهما عن [ ص: 151 ] المعنى الذي فيها مما يفضل به المجاهدون على القاعدين غير أولي الضرر ، ولكنهما ذهب ذلك عنهما حتى كان منهما من القول ما ذكر عنهما في هذه الآثار لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل عند ذلك على رسوله : غير أولي الضرر إعلاما منه إياهما أنه لم يردهما ، ولا أمثالهما بذلك التفضيل الذي فضل به المجاهدين على القاعدين ، فكيف يجوز أن يكون الأمر بخلاف ذلك ، وقد سمعوا الله عز وجل يقول : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ، يعني في تخلفهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن قال قائل : أفيجوز أن يذهب عنهما مثل هذا من مراد الله عز وجل بهذه الآية ؟ قيل : له وما تنكر من هذا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه في الصيام : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتلاها عليهم حملوها على ما قد ذكره من حملهم إياها عليه حتى أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أعلمهم به أن مراده عز وجل غير ما ظنوه به جل وعز . سهل بن سعد الساعدي
كما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا المقدمي الفضيل بن سليمان النميري ، عن ، عن أبي حازم ، قال : سهل بن سعد الساعدي وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود جعل الرجل يأخذ خيطا أبيض وخيطا أسود ، فيجعلهما تحت وسادة ، فينظر متى يتبينهما [ ص: 152 ] فيترك الطعام . قال : فبين الله ذلك ، ونزلت من الفجر لما نزلت : ، فكان في هذا الحديث تبيان الله ، أن الذي أراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود غير الذي ظنوا أنه أراده بهما ، وكذلك عدي بن حاتم الطائي فيما روي عنه في هذا المعنى .
1504 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن المنهال ، قال : حدثنا هشيم ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن الشعبي . عدي بن حاتم
1505 - وكما حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا إسماعيل بن سالم ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا هشيم حصين ، عن ومجالد ، قال : [ ص: 153 ] أخبرنا الشعبي ، قال : عدي بن حاتم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود عمدت إلى عقالين أحدهما أسود ، فجعلت أنظر إليهما فلا يتبين لي الأبيض من الأسود ، فلما أصبحت غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته بالذي صنعت ، فقال : إن وسادك لعريض ، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل } .
لما نزلت هذه الآية : أفلا ترى أنهم لما سمعوا قوله جل وعز : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود حملوا ذلك على ما حملوه عليه حتى بين الله عز وجل لهم في كتابه وعلى لسان رسوله ، أن الذي أراده خلاف ما ظنوه .
وكذلك ما كان من قصة ابن أم مكتوم وأبي أحمد لما تلا عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلا ظنا أنهما من المفضولين فيما تلاه عليهما ، فبين الله عز وجل لهما بإنزاله على رسوله صلى الله عليه وسلم : غير أولي الضرر أنه لم يردهما ، ولا أمثالهما من ذوي الضرر ، وإنما أراد غيرهما ممن لا ضرر به ، وفيما ذكرنا ما قد دل على أن القراءة في ذلك كما قرأها من قرأها بالرفع ، وهم : عاصم والأعمش وأبو عمرو وحمزة ، لا كما قرأها [ ص: 154 ] مخالفوهم : غير أولي الضرر بالنصب ، وهم : أبو جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وعبد الله بن عامر ، وقد كان ذهب إلى قراءة هؤلاء أبو عبيد القاسم بن سلام المدنيين وقال : مع ذلك ، إن الرفع وجه في العربية ممكن غير مستنكر ، وكذلك كان يذهب إلى صحته في العربية ويقول : هو على النعت للقاعدين ، قال : وما كان من نعتهم كان كذلك إعرابه بالرفع لا بغيره كما قال : عز وجل : الفراء أو التابعين غير أولي الإربة ، فكان نعته إياهم بمثل ما ذكرهم به من الجر لا ما سواه ، والله نسأله التوفيق .
وقد قال في السبب الذي به اختار أبو عبيد القاسم بن سلام غير أولي الضرر بالنصب ، فقال : وروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير واحد ذكرهم ، أن نزولها كان على الاستثناء فوجب بذلك أن تكون منصوبة ، فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أنه لم يرو عن واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : إنما نزلت للاستثناء مما كان نزل قبلها ، وإنما روي عنه منهما في سبب نزولها ما قد رويناه في ذلك في صدر هذا الباب ، ولو كانت كلها نزلت معا لجاز أن يكون ذلك على الاستثناء ، فيكون النصب فيه أولى من الرفع ، ولكنه إنما كان الذي نزل أولا منها هو قوله عز وجل : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ، ونحن نحيط علما ، أن الله عز [ ص: 155 ] وجل لم يعن القاعدين بالزمانة مع النية ، أنهم لو أطاقوا الجهاد لجاهدوا ، وإذا كان ذلك كذلك لم يكن المجاهدون أفضل منهم ؛ لأنهم جاهدوا بقوتهم ، وتخلف الآخرون عن الجهاد بعجزهم عنه ، وقد قال الله عز وجل : ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه ، ثم أعلم بعد ذلك أن السبيل على خلاف هؤلاء بقوله عز وجل : إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ، وقال : عز وجل : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج .
ومن حمل الأمر على غير ما ذكرنا كان قد قال قولا عظيما ونسب الله عز وجل إلى أنه قد تعبد خلقه بما هم عاجزون عنه ، وإذا كان نزول ما قد تلونا على ما قد ذكرنا كان ما أنزل الله عز وجل بعد ذلك من قوله : غير أولي الضرر تبيانا لما كان أنزله قبل ذلك من القاعدين الذين فضل عليهم المجاهدين ، فكان الرفع أولى به من غيره .
وقد سأل سائل ، فقال : قد كان من ما كان من الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه ، وقد كان يوم القادسية على حاله التي اعتذر بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل الراية في قتاله الكفار ، فكيف لم يبذل ذلك من نفسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ابن أم مكتوم
وذكر ما قد .
حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، [ ص: 156 ] قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا يزيد بن زريع - عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، أنس بن مالك عبد الله بن أم مكتوم يوم القادسية كانت معه راية سوداء ، وعليه درع . ، أن
وما قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن ابن عيينة ، عن علي بن زيد ، قال : أنس بن مالك في بعض مشاهد المسلمين في يده اللواء . ابن أم مكتوم رأيت
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أنه قد يحتمل أن يكون يوم كان منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لم يكن يحسن يومئذ حمل الراية ، ثم أحسنه بعد ذلك ، فتكلفه لما أحسنه للمسلمين ، وترك أن يتكلفه قبل ذلك لما كان لا يحسنه ، والله عز وجل نسأله التوفيق . ابن أم مكتوم