[ ص: 369 ] 911 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقضي بين الفقهاء المختلفين في الرطب هل هو من الفاكهة ، أم ليس هو منها ؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وكان تفرد فيما قد حدثنا
محمد بن العباس بن الربيع ، حدثنا
علي بن معبد ، حدثنا
محمد بن الحسن ، أخبرنا
يعقوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، قال : ليس الرطب من الفاكهة .
وحدثنا
سليمان بن شعيب ، حدثنا
أبي ، حدثنا
محمد بن الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، بمثل ذلك ، وزاد أن قال : لأن الله عز وجل قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=68فيهما فاكهة ونخل ورمان فأخبر أن النخل والرمان منها ما يكون من ثمارها ليس من الفاكهة .
قال
محمد بن العباس ،
وسليمان جميعا في روايتهما : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : هو من الفاكهة ، وقال
محمد بن العباس في روايته : عن
محمد بن الحسن مثل ذلك .
وقال
سليمان في روايته : ليس فيما احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة من الآية التي تلاها ما يجب به أن يكون الرطب خارجا من الفاكهة ، وإنما ذلك على التوكيد له : أنه من الفاكهة بدخوله في جملة الفاكهة ، وبإعادة ذكره بعد ذلك على الانفراد ما لا يجب خروجه من الفاكهة ، كما قال الله
[ ص: 370 ] عز وجل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ليس على أنهما غير الملائكة ولكن على توكيد أمرهما بأن ذكرهما في جملة الملائكة ، ثم أفردهما بالذكر بما ذكرهما به ، ومثل ذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ، ثم ذكر من ذكره من سواهما صلى الله عليهم أجمعين للتوكيد ، ولمكانهم من النبوة لا لما سوى ذلك ، فمثل ذلك في الرطب من الفاكهة قد يحتمل أيضا أن يكون دخل في الفاكهة التي ذكرها الله عز وجل ، ثم أفرده بالذكر ، وكان في ذلك توكيد أمره أنه من الفاكهة .
وكان مما يحتج به من يذهب إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة الذي ذكرناه عنه على المحتجين بهذه الحجة : أن الذي احتجوا به منها قد قامت الحجة فيها بما ذكروا ، ولم تقم الحجة في الرطب أنه من الفاكهة بمثل ذلك ، والحجة مطلوبة في ذلك إلى الآن .
فكان مما احتج به من ذهب إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة هذا أنه قد وجد عن
عبد الله بن عباس ما يدل على أن الرطب ليس من الفاكهة .
5686 - كما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد ، حدثنا
عاصم بن كليب الجرمي ، عن
أبيه ، قال : قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس :
nindex.php?page=treesubj&link=1264_2600_2601_26777_26778_29051_29051_29051_29051_29051_29051_30495_32967كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه إذا دعا الأشياخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دعاني معهم ، فقال : لا تتكلم حتى يتكلموا ، فدعانا ذات يوم أو ذات ليلة ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ ص: 371 ] في ليلة القدر ما قد علمتم : التمسوها في العشر الأواخر وترا ، ففي أي وتر ترونها ؟ فقال رجل : من أية تاسعة سابعة خامسة ثالثة ، فقال لي ما لك : لا تتكلم ، قلت : إن شئت تكلمت ، قال : إنما دعوتك لتتكلم ، قلت : إني إنما أقول برأيي ، قال : عن رأيك أسألك ، قلت : إني سمعت الله تعالى يقول : ذكر السبع ، فذكر السماوات سبعا ، والأرضين سبعا ، وما أنبتت الأرض سبعا ، قال الله عز وجل : " ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا " فالحدائق : كل ملتف حديقة ، والأب : ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس ، قال عمر : أعجزتم أن تقولوا مثل ما قال هذا ؟!
قالوا : ففي هذا الحديث ذكر
عبد الله بن عباس ما أنبتت الأرض
[ ص: 372 ] أنه سبع ، وفي الآية أنه ثمان ، وكنا إذا تأملنا هذا عقلنا أن العنب من الفاكهة ولا اختلاف بين أهل العلم في ذلك فدخل العنب في الفاكهة ، وذكر منفردا في هذه الآية ، فعاد ما بقي في هذه الآية إلى سبع ، لا إلى أكثر منها ، فعقلنا بذلك أن النخل التي يكون عنها الرطب غير الفاكهة ، لأنا لو رددناها إلى الفاكهة ، عاد ما في الآية ستا ، فدل ذلك أن الرطب غير الفاكهة ، وقد كان ذلك من
عبد الله بن عباس بمشهد من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، ومن سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المهاجرين والأنصار ، فلم يدفعوا
عبد الله بن عباس بما قال من ذلك ولم يخالفوه فيه ، فدل ذلك على متابعتهم إياه عليه فكان هذا القول لو خلينا وإياه أولى مما قيل في هذا الباب ، غير أنا لما وجدنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في العجوة أنها من فاكهة الجنة مما قد روينا فيها في هذا الباب قبل هذا الباب ، وكان هو الذي لا يحدث غيره ، لأنه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الحجة على الناس جميعا ، وجب أن يحمل ذلك على أن الرطب داخل في الفاكهة ، وعلى أن ما بقي من الفاكهة بعد الرطب وبعد العنب هو الذي يتم به العدد حتى يكون المذكور في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، كما أراده حتى تكون الفاكهة كما قال الذين قالوا : إن الرطب منها لا كما قال من خالفهم في ذلك .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أيضا حديث آخر ، وهو :
5687 - ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13856ابن أبي داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17319يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا
حصين بن عمر الأحمسي ، حدثنا
مخارق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق [ ص: 373 ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال :
nindex.php?page=treesubj&link=30387_30395_30413_32223جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : يا محمد في الجنة فاكهة ؟ ! قال : فيها فاكهة ونخل ورمان ، قال : ويأكلون كما يأكلون في الدنيا ! قال : نعم وأضعاف ذلك ، قال : فيقضون الحوائج ؟ قال : لا ، ولكنهم يعرقون ويرشحون ، فيذهب الله تعالى ما في بطونهم من أذى .
فكان في هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل : في الجنة فاكهة ؟ قال : فيها فاكهة ونخل ورمان ، فاستحال أن يكون صلى الله عليه وسلم أجاب من سأله عن الفاكهة بذكره ما سوى الفاكهة ، ولكنه أجابه بذكره الفاكهة ، وكان في ذلك ما قد دل أن النخل والرمان من الفواكه ، وبالله التوفيق .
[ ص: 369 ] 911 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقْضِي بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الرُّطَبِ هَلْ هُوَ مِنَ الْفَاكِهَةِ ، أَمْ لَيْسَ هُوَ مِنْهَا ؟
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ، وَكَانَ تَفَرَّدَ فِيمَا قَدْ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا
يَعْقُوبُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، قَالَ : لَيْسَ الرُّطَبُ مِنَ الْفَاكِهَةِ .
وَحَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا
أَبِي ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَزَادَ أَنْ قَالَ : لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=68فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ فَأَخْبَرَ أَنَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ ثِمَارِهَا لَيْسَ مِنَ الْفَاكِهَةِ .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ،
وَسُلَيْمَانُ جَمِيعًا فِي رِوَايَتِهِمَا : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : هُوَ مِنَ الْفَاكِهَةِ ، وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ فِي رِوَايَتِهِ : عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِثْلَ ذَلِكَ .
وَقَالَ
سُلَيْمَانُ فِي رِوَايَتِهِ : لَيْسَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا مَا يَجِبُ بِهِ أَنْ يَكُونَ الرُّطَبُ خَارِجًا مِنَ الْفَاكِهَةِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى التَّوْكِيدِ لَهُ : أَنَّهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ بِدُخُولِهِ فِي جُمْلَةِ الْفَاكِهَةِ ، وَبِإِعَادَةِ ذِكْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الِانْفِرَادِ مَا لَا يَجِبُ خُرُوجُهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ ، كَمَا قَالَ اللهُ
[ ص: 370 ] عَزَّ وَجَلَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُمَا غَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَلَكِنْ عَلَى تَوْكِيدِ أَمْرِهِمَا بِأَنْ ذَكَرَهُمَا فِي جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ ، ثُمَّ أَفْرَدَهُمَا بِالذِّكْرِ بِمَا ذَكَرَهُمَا بِهِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ سِوَاهُمَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ لِلتَّوْكِيدِ ، وَلِمَكَانِهِمْ مِنَ النُّبُوَّةِ لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الرُّطَبِ مِنَ الْفَاكِهَةِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ فِي الْفَاكِهَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَوْكِيدُ أَمْرِهِ أَنَّهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ .
وَكَانَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ عَلَى الْمُحْتَجِّينَ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ : أَنَّ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ مِنْهَا قَدْ قَامَتِ الْحُجَّةُ فِيهَا بِمَا ذَكَرُوا ، وَلَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ فِي الرُّطَبِ أَنَّهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَالْحُجَّةُ مَطْلُوبَةٌ فِي ذَلِكَ إِلَى الْآنِ .
فَكَانَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ لَيْسَ مِنَ الْفَاكِهَةِ .
5686 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12391إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16496عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا
عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيُّ ، عَنْ
أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ لِي
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=1264_2600_2601_26777_26778_29051_29051_29051_29051_29051_29051_30495_32967كَانَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا دَعَا الْأَشْيَاخَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي مَعَهُمْ ، فَقَالَ : لَا تَتَكَلَّمْ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا ، فَدَعَانَا ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [ ص: 371 ] فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا قَدْ عَلِمْتُمُ : الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا ، فَفِي أَيِّ وِتْرٍ تَرَوْنَهَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : مِنْ أَيَّةِ تَاسِعَةٍ سَابِعَةٍ خَامِسَةٍ ثَالِثَةٍ ، فَقَالَ لِي مَا لَكَ : لَا تَتَكَلَّمُ ، قُلْتُ : إِنْ شِئْتَ تَكَلَّمْتُ ، قَالَ : إِنَّمَا دَعَوْتُكَ لِتَتَكَلَّمَ ، قُلْتُ : إِنِّي إِنَّمَا أَقُولُ بِرَأْيِي ، قَالَ : عَنْ رَأْيِكَ أَسْأَلُكَ ، قُلْتُ : إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ : ذَكَرَ السَّبْعَ ، فَذَكَرَ السَّمَاوَاتِ سَبْعًا ، وَالْأَرَضِينَ سَبْعًا ، وَمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ سَبْعًا ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : " ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " فَالْحَدَائِقُ : كُلُّ مُلْتَفٍّ حَدِيقَةٌ ، وَالْأَبُّ : مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ ، قَالَ عُمَرُ : أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَقُولُوا مِثْلَ مَا قَالَ هَذَا ؟!
قَالُوا : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ
[ ص: 372 ] أَنَّهُ سَبْعٌ ، وَفِي الْآيَةِ أَنَّهُ ثَمَانٍ ، وَكُنَّا إِذَا تَأَمَّلْنَا هَذَا عَقَلْنَا أَنَّ الْعِنَبَ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ فَدَخَلَ الْعِنَبُ فِي الْفَاكِهَةِ ، وَذُكِرَ مُنْفَرِدًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَعَادَ مَا بَقِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى سَبْعٍ ، لَا إِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ النَّخْلَ الَّتِي يَكُونُ عَنْهَا الرُّطَبُ غَيْرُ الْفَاكِهَةِ ، لِأَنَّا لَوْ رَدَدْنَاهَا إِلَى الْفَاكِهَةِ ، عَادَ مَا فِي الْآيَةِ سِتًّا ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الرُّطَبَ غَيْرُ الْفَاكِهَةِ ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِمَشْهَدٍ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَلَمْ يَدْفَعُوا
عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ بِمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِيهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ لَوْ خُلِّينَا وَإِيَّاهُ أَوْلَى مِمَّا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ ، غَيْرَ أَنَّا لَمَّا وَجَدْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَجْوَةِ أَنَّهَا مِنْ فَاكِهَةِ الْجَنَّةِ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَا فِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي لَا يُحَدَّثُ غَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا ، وَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ دَاخِلٌ فِي الْفَاكِهَةِ ، وَعَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنَ الْفَاكِهَةِ بَعْدَ الرُّطَبِ وَبَعْدَ الْعِنَبِ هُوَ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْعَدَدُ حَتَّى يَكُونَ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، كَمَا أَرَادَهُ حَتَّى تَكُونَ الْفَاكِهَةُ كَمَا قَالَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الرُّطَبَ مِنْهَا لَا كَمَا قَالَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ ، وَهُوَ :
5687 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13856ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17319يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا
حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ الْأَحْمَسِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُخَارِقٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16243طَارِقٍ [ ص: 373 ] ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30387_30395_30413_32223جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : يَا مُحَمَّدُ فِي الْجَنَّةِ فَاكِهَةٌ ؟ ! قَالَ : فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ، قَالَ : وَيَأْكُلُونَ كَمَا يَأْكُلُونَ فِي الدُّنْيَا ! قَالَ : نَعَمْ وَأَضْعَافُ ذَلِكَ ، قَالَ : فَيَقْضُونَ الْحَوَائِجَ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْرَقُونَ وَيَرْشَحُونَ ، فَيُذْهِبُ اللهُ تَعَالَى مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ أَذًى .
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ : فِي الْجَنَّةِ فَاكِهَةٌ ؟ قَالَ : فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَ مَنْ سَأَلَهُ عَنِ الْفَاكِهَةِ بِذِكْرِهِ مَا سِوَى الْفَاكِهَةِ ، وَلَكِنَّهُ أَجَابَهُ بِذِكْرِهِ الْفَاكِهَةَ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ مِنَ الْفَوَاكِهِ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .