قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=20إني ظننت أني ملاق حسابيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21فهو في عيشة راضية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=22في جنة عالية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23قطوفها دانية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=24كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=25وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول : يا ليتني لم أوت كتابيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=26ولم أدر ما حسابيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=27يا ليتها كانت القاضية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=28ما أغنى عني ماليه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=29هلك عني سلطانيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=30خذوه فغلوه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=31ثم الجحيم صلوه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=32ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=33إنه كان لا يؤمن بالله العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=34ولا يحض على طعام المسكين [ ص: 248 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فأما من أوتي كتابه بيمينه إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة . وقال
ابن عباس : أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة
عمر بن الخطاب ، وله شعاع كشعاع الشمس . قيل له : فأين
أبو بكر ؟ فقال : هيهات هيهات ! زفته الملائكة إلى الجنة . ذكره
الثعلبي . وقد ذكرناه مرفوعا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب " التذكرة " . والحمد لله .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورا بنجاته ; لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح ، والشمال من دلائل الغم . قال الشاعر :
أبيني أفي يمنى يديك جعلتني فأفرح أم صيرتني في شمالك
ومعنى : هاؤم تعالوا ; قاله
ابن زيد . وقال
مقاتل : هلم . وقيل : أي خذوا ; ومنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865331الخبر في الربا " إلا هاء وهاء " أي يقول كل واحد لصاحبه : خذ . قال
ابن السكيت nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : العرب تقول : هاء يا رجل اقرأ ، وللاثنين هاؤما يا رجلان ، وهاؤم يا رجال ، وللمرة هاء ( بكسر الهمزة ) وهاؤما وهاؤمن . والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف ; قال
القتيبي . وقيل : إن " هاؤم " كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح . روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=865332أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداه أعرابي بصوت عال فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم " هاؤم " يطول صوته .
وكتابيه منصوب ب " هاؤم " عند الكوفيين . وعند البصريين ب " اقرءوا " لأنه أقرب العاملين . والأصل " كتابي " فأدخلت الهاء لتبين فتحة الياء ، وكان الهاء للوقف ، وكذلك في أخواته : حسابيه ، و ماليه ، و سلطانيه وفي القارعة ماهيه . وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معا ; لأنهن وقعن في المصحف بالهاء فلا تترك . واختار
أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط . وقرأ
ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف فيهن جمع . ووافقهم
حمزة في ماليه وسلطانيه ، و ماهيه في القارعة . وجملة هذه الحروف سبعة . واختار
أبو حاتم قراءة
يعقوب ومن معه اتباعا للغة . ومن قرأهن في الوصل بالهاء فهو على نية الوقف .
إني ظننت أي أيقنت وعلمت ، عن
ابن عباس وغيره . وقيل : أي إني ظننت إن يؤاخذني الله
[ ص: 249 ] بسيئاتي عذبني فقد تفضل علي بعفوه ولم يؤاخذني بها . قال
الضحاك : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين . ومن الكافر فهو شك . وقال
مجاهد : ظن الآخرة يقين ، وظن الدنيا شك . وقال
الحسن في هذه الآية : إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=20أني ملاق حسابيه أي في الآخرة ولم أنكر البعث ; يعني أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب ، لأنه تيقن أن الله يحاسبه فعمل للآخرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21فهو في عيشة راضية أي في عيش يرضاه لا مكروه فيه . وقال
أبو عبيدة والفراء : راضية أي مرضية ; كقولك : ماء دافق ; أي مدفوق . وقيل : ذات رضا ; أي يرضى بها صاحبها . مثل لابن وتامر ; أي صاحب اللبن والتمر . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا ويصحون فلا يمرضون أبدا ، وينعمون فلا يرون بؤسا أبدا ، ويشبون فلا يهرمون أبدا .
" في جنة عالية " أي عظيمة في النفوس .
" قطوفها دانية " أي قريبة التناول ، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع على ما يأتي بيانه في سورة " الإنسان " . والقطوف جمع قطف ( بكسر القاف ) وهو ما يقطف من الثمار . والقطف ( بالفتح ) المصدر . والقطاف ( بالفتح والكسر ) وقت القطف .
" كلوا واشربوا " أي يقال لهم ذلك .
" هنيئا " لا تكدير فيه ولا تنغيص .
" بما أسلفتم " قدمتم من الأعمال الصالحة .
" في الأيام الخالية " أي في الدنيا . وقال : كلوا بعد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21فهو في عيشة راضية لقوله : " فأما من أوتي " و " من " يتضمن معنى الجمع . وذكر
الضحاك أن هذه الآية نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ; وقاله
مقاتل . والآية التي تليها في أخيه
الأسود بن عبد الأسد ; في قول
ابن عباس والضحاك أيضا ; قاله
الثعلبي . ويكون هذا الرجل وأخوه سبب نزول هذه الآيات . ويعم المعنى جميع أهل الشقاوة وأهل السعادة ; يدل عليه قوله تعالى : " كلوا واشربوا " . وقد قيل : إن المراد بذلك كل من كان متبوعا في الخير والشر . فإذا كان الرجل رأسا في الخير ، يدعو إليه ويأمر به ويكثر تبعه عليه ، دعي باسمه واسم أبيه ، فيتقدم حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض ، في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات فيبدأ بالسيئات فيقرأها فيشفق ويصفر وجهه ويتغير لونه ، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه " هذه سيئاتك وقد غفرت لك " فيفرح عند ذلك فرحا شديدا ، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحا ; حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه " هذه حسناتك قد
[ ص: 250 ] ضوعفت لك " فيبيض وجهه ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه ، ويكسى حلتين ، ويحلى كل مفصل منه ويطول ستين ذراعا وهي قامة
آدم عليه السلام ; ويقال له : انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا . فإذا أدبر قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21فهو في عيشة راضية أي مرضية قد رضيها
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=22في جنة عالية في السماء
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23قطوفها ثمارها وعناقيدها
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23دانية أدنيت منهم . فيقول لأصحابه : هل تعرفوني ؟ فيقولون : قد غمرتك كرامة ، من أنت ؟ فيقول : أنا فلان بن فلان أبشر كل رجل منكم بمثل هذا .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=24كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية أي قدمتم في أيام الدنيا .
وإذا كان الرجل رأسا في الشر ، يدعو إليه ويأمر به فيكثر تبعه عليه ، نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه ، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات ، فيبدأ بالحسنات فيقرأها ويظن أنه سينجو ، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه " هذه حسناتك وقد ردت عليك " فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير ، ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزنا ، ولا يزداد وجهه إلا سوادا ، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه " هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك " أي يضاعف عليه العذاب . ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل - قال - فيعظم للنار وتزرق عيناه ويسود وجهه ، ويكسى سرابيل القطران ويقال له : انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا ; فينطلق وهو يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=25يا ليتني لم أوت كتابيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=26ولم أدر ما حسابيه nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=27يا ليتها كانت القاضية يتمنى الموت .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=29هلك عني سلطانيه تفسير
ابن عباس : هلكت عني حجتي . وهو قول
مجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والضحاك . وقال
ابن زيد : يعني سلطانيه في الدنيا الذي هو الملك . وكان هذا الرجل مطاعا في أصحابه ; قال الله تعالى : " خذوه فغلوه " قيل : يبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه وهو قوله عز وجل : فغلوه أي شدوه بالأغلال
" ثم الجحيم صلوه " أي اجعلوه يصلى الجحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=32ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا الله أعلم بأي ذراع ، قاله
الحسن . وقال
ابن عباس : سبعون ذراعا بذراع الملك . وقال
نوف : كل ذراع سبعون باعا ، وكل باع أبعد ما بينك وبين
مكة . وكان في رحبة
الكوفة . وقال
مقاتل : لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص . وقال
كعب : إن حلقة من السلسلة التي قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=32ذرعها سبعون ذراعا - أن حلقة منها - مثل جميع حديد الدنيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=32فاسلكوه قال
سفيان : بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه . وقاله
مقاتل . والمعنى ثم اسلكوا فيه سلسلة . وقيل : تدخل عنقه فيها ثم يجر
[ ص: 251 ] بها . وجاء في الخبر أنها تدخل من دبره وتخرج من منخريه . وفي خبر آخر : تدخل من فيه وتخرج من دبره ، فينادي أصحابه : هل تعرفوني ؟ فيقولون : لا ، ولكن قد نرى ما بك من الخزي فمن أنت ؟ فينادي أصحابه : أنا فلان بن فلان ، لكل إنسان منكم مثل هذا .
قلت : وهذا التفسير أصح ما قيل في هذه الآية ، يدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71يوم ندعو كل أناس بإمامهم . وفي الباب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بمعناه خرجه
الترمذي . وقد ذكرناه في سورة " سبحان " فتأمله هناك .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=33إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين أي على الإطعام ، كما يوضع العطاء موضع الإعطاء . قال الشاعر
القطامي :
أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا
أراد بعد إعطائك . فبين أنه عذب على ترك الإطعام وعلى الأمر بالبخل ، كما عذب بسبب الكفر . والحض : التحريض والحث . وأصل طعام أن يكون منصوبا بالمصدر المقدر . والطعام عبارة عن العين ، وأضيف للمسكين للملابسة التي بينهما . ومن أعمل الطعام كما يعمل الإطعام فموضع المسكين نصب . والتقدير على إطعام المطعم المسكين ; فحذف الفاعل وأضيف المصدر إلى المفعول .