[ ص: 291 ] 263 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { تدور أو تزول رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو لست وثلاثين أو لسبع وثلاثين } ، وما ذكر في الحديث الذي روي عنه فيه .
1609 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن شريك بن عبد الله ، عن منصور ، عن ربعي بن حراش البراء بن ناجية ، قال : قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله
قال عمر رضي الله عنه : يا نبي الله مما مضى أو مما بقي ؟ قال : لا ، بل مما بقي إن رحى الإسلام ستزول بعد خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين سنة ، فإن يهلكوا فسبيل من هلك ، وإن يقم لهم دينهم فسبعين عاما . } .
1610 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : حدثني العوام بن حوشب ، عن [ ص: 292 ] سليمان بن أبي سليمان ، عن القاسم بن عبد الرحمن أبيه ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبد الله بن مسعود تزول رحى الإسلام على رأس خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين ، فإن هلكوا فسبيل من هلك وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة } .
1611 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن ربعي البراء بن ناجية المحاربي ، عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله
قال عمر : يا رسول الله ، مما مضى أو مما بقي ؟ قال مما بقي تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين ، فإن هلكوا فسبيل من هلك ، وإن يبق لهم دينهم فسبعين عاما . } .
[ ص: 293 ]
1612 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن شريك ، عن مجالد ، عن عامر ، عن مسروق ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله إن رحى الإسلام ستزول بعد خمس وثلاثين ، فإن يصطلحوا فيما بينهم على غير قتال يأكلوا الدنيا سبعين عاما رغدا ، وإن يقتتلوا يركبوا سنن من كان قبلهم } .
1613 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، عن شيبان ، عن منصور ، عن ربعي البراء بن ناجية الكاهلي ، عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر مثل حديث عبد الله بن مسعود أبي أمية عن قبيصة الذي ذكرناه في هذا الباب ، غير أنه قال : إن رحى الإسلام تدور .
قال : فتأملنا هذه الآثار لنقف على المراد بها إن شاء الله . فكان قوله صلى الله عليه وسلم : تدور أو تزول رحى الإسلام ، يريد بذلك الأمور التي عليها يدور الإسلام وشبه ذلك بالرحى فسماه باسمها ، وكان قوله صلى الله عليه وسلم : بعد خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين ، ليس [ ص: 294 ] على الشك ، ولكن على أن يكون ذلك فيما يشاؤه الله عز وجل من تلك السنين ، فشاء عز وجل أن كان في سنة خمس وثلاثين فتهيأ فيها على المسلمين حصر إمامهم ، وقبض يده عما يتولاه عليهم مع جلالة مقداره ؛ لأنه من الخلفاء الراشدين المهديين ، حتى كان ذلك سببا لسفك دمه رضوان الله عليه ، وحتى كان ذلك سببا لوقوع الاختلاف وتفرق الكلمة واختلاف الآراء ، فكان ذلك مما لو هلكوا عليه لكان سبيل مهلك لعظمه ولما حل بالإسلام منه ، ولكن الله ستر وتلافى ، وخلف نبيه في أمته من يحفظ دينهم عليهم ويبقي ذلك لهم ، ثم تأملنا ما بقي من هذه الآثار ، فوجدنا في حديث أبو جعفر مسروق منها عن عبد الله : { فإن يصطلحوا فيما بينهم على غير قتال يأكلوا الدنيا سبعين عاما رغدا } ، ووجدنا مكان ذلك في حديثي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود والبراء بن ناجية ، فإن يبق لهم دينهم فسبعين عاما ، وكان ذلك قد جاء مختلفا في حديث مسروق وحديثي صاحبيه ، فكان ما في حديث مسروق أولاهما وأشبههما بما جرت عليه أمور الناس مما في حديثي الآخرين ؛ لأن الذي في حديث مسروق : { فإن يصطلحوا بينهم على غير قتال يأكلوا الدنيا سبعين عاما رغدا } ، ولم يصطلحوا على غير قتال ، فتكون المدة التي يأكلون الدنيا فيها كذلك سبعين عاما ، ثم تنقطع فلا يأكلونها بعدها ، ولكن جرت أمورهم على غير ذلك مما لم ينقطع معهم القتال ، فكان ذلك رحمة من الله لهم وسترا منه عليهم ، فجرى على ذلك أن يأكلوا الدنيا بلا توقيت عليهم فيه ، وكان ما في حديثي [ ص: 295 ] عبد الرحمن بن عبد الله والبراء بن ناجية يوجب خلاف ذلك ويوجب انقطاع أكلهم الدنيا بعد سبعين عاما ، وقد وجدناهم بحمد الله ونعمته أكلوها بعد ذلك سبعين عاما وسبعين عاما وزيادة على ذلك ودينهم قائم على حاله .
فعقلنا بذلك أن أصل الحديث في ذلك كما رواه مسروق فيه ، لا كما رواه صاحباه ؛ لأنه لا خلف لما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله نسأله التوفيق .