[ ص: 129 ] 22 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من نهيه عن بيع الثنيا
139 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا سليمان بن حرب ، عن حماد ، وهو ابن زيد ، عن أيوب ، أبي الزبير ، عن وسعيد بن ميناء : أن النبي عليه السلام { جابر نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة } . وقال أحدهما : والمعاومة ، وقال الآخر : بيع السنين ، ونهى عن الثنيا . قال : ورخص في العرايا .
[ ص: 130 ]
140 - حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، عن حماد وهو ابن زيد ، عن أيوب ، أبي الزبير ، عن وسعيد بن ميناء ، عن النبي عليه السلام أنه { جابر نهى عن المزابنة ، وعن [ ص: 131 ] المحاقلة والمعاومة والمخابرة } . قال أحدهما : وعن بيع السنين ، وعن الثنيا ، ورخص في بيع العرايا .
فكان ظاهر الحديث النهي عن بيع الثنيا مطلقا ، وكان في ذلك إن لم يكن حقيقة بخلاف ظاهره المنع من البيع الذي يكون فيه الثنيا .
فتأملنا ذلك ما روي عن رسول الله عليه السلام في هذا المعنى سوى هذا الحديث ، هل نجد فيه ما يدل على إيضاح حقيقة مراده في ذلك .
141 - فوجدنا قد حدثنا قال : حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، عن عباد ، وهو [ ابن ] العوام قال : حدثني الثقة سفيان بن حسين ، عن يونس بن عبيد ، عن عطاء { أن النبي عليه السلام جابر نهى عن بيع الثنيا حتى تعلم } .
فانكشف لنا بذلك حقيقة ما وقع عليه النهي في حديث ، أبي الزبير وسعيد من بيع الثنيا ، وأنها الثنيا ليست بمعلومة ، وأن الثنيا المعلومة بخلافها ، وأن المستثناة فيه جائز ، إذ كانت معلومة ، وإذ كان ما يبقى بعدها من البيع معلوما بثمن معلوم ، وأن حفظ عن عطاء بن أبي رباح جابر فيما حدثهم به من ذلك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يحفظه [ ص: 132 ] أبو الزبير ولا سعيد ، فكان بذلك ما روى فيه عن جابر أولى مما روياه فيه عنه .
وقد اختلف أهل العلم في البيع إذا كانت جزءا من أجزاء مبيع . فكان يقول في ذلك : مالك بن أنس
ما حدثنا ، أخبرنا يونس قال : قال ابن وهب مالك : . الأمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا باع ثمر حائطه أن [ له أن ] يستثني منه ما بينه وبين ثلث الثمر ، لا يجاوز ذلك ، وما كان من دون الثلث فلا بأس به إذا كان يرى أنه الثلث فأدنى
وقد خالفه في ذلك أكثر العلماء منهم ، أبو حنيفة وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي ، فأجازوا البيع بهذا الاستثناء ، ولم يفرقوا في ذلك بين المستثنى منه إذا كان دون الثلث أو الثلث ، أو أكثر منه إذ كان ثمر ما يبقى بعده معلوما .
وفي حديث النبي عليه السلام الذي قد رويناه في هذا الباب من حديث عطاء ، عن جابر من نهيه عن بيع الثنيا حتى تعلم ما قد دل على ما قالوا من ذلك إذا كان ما دخل في البيع بعد الثنيا معلوما ، وكان ثمره معلوما ، وكان هذا القول أولى القولين عندنا في ذلك ؛ لموافقة أهل العلم ما قد رويناه عن رسول الله عليه السلام فيه .