[ ص: 62 ] 293 - بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في كيفية عقوبات أهل اللقاح
1810 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ، عن قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، عن أيوب ، عن أبي قلابة : أنس إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله قال : هم قوم من عكل ، قطع النبي صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم .
1811 - حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، قال : حدثني عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن ابن أبي هلال ، عن أبي الزناد عبد الله بن عبيد الله ، [ ص: 63 ] عن أو عبد الله بن عمر - الشك من عمرو - عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمرو العرنيين ، قال : وفيهم نزلت آية المحاربة يعني حديث .
1812 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، عن بشر بن بكر ، قال : حدثني الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : أبو قلابة الجرمي
حدثني ، قال : أنس بن مالك عكل ، فاجتووا المدينة ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة ، فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فأتوها ، فقتلوا رعاتها ، واستاقوا الإبل ، فبعث رسول الله [ ص: 64 ] صلى الله عليه وسلم في طلبهم ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، ثم لم يحسمهم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من .
1813 - حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن أبي قلابة رضي الله عنه ، قال : أنس بن مالك عكل فاستوخموا المدينة ، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذود له ، فشربوا من ألبانها ، فلما صحوا ارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا وسرقوا الإبل ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وتركوا حتى ماتوا قدم ثمانية رهط من .
1814 - حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن حميد الطويل رضي الله عنه ، قال : أنس بن مالك عرينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووا ، فقال : لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها ، قال : وذكر قتادة أنه قد حفظ عنه " أبوالها قدم ناس من .
[ ص: 65 ]
1815 - حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش البصري ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، عن حماد بن سلمة قتادة وثابت ، عن وحميد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وقال : أنس من ألبانها وأبوالها .
قال : وإنما ذكرنا هذين الحديثين وإن لم يكن فيهما ذكر العقوبة ما كانت لمعنى احتجنا إلى ذكرهما من أجله ، سنأتي به في الباب الذي يتلو هذا الباب إن شاء الله . أبو جعفر
1816 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي الذهلي ، قال : حدثنا محمد بن الصباح ، قال : حدثني إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثني الحجاج بن أبي عثمان أبو رجاء مولى أبي قلابة ، عن قال : أبي قلابة
[ ص: 66 ] إياي حدث أنس عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تخرجون مع راعينا في إبله تصيبون من أبوالها وألبانها ، فصحوا ، فقتلوا الراعي ، واطردوا النعم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهم ، فأدركوا فجيء بهم ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسملت أعينهم ، ثم نبذهم في الشمس حتى ماتوا أن نفرا من .
1817 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، عن هشيم حميد الطويل ، عن وعبد العزيز بن صهيب أنس بن مالك عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها ، فقال لهم : إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة ، فتشربوا من ألبانها وأبوالها ، ففعلوا فصحوا ، ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم أن ناسا من ، ثم ذكر بقية الحديث .
[ ص: 67 ]
1818 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، عن سماك بن حرب ، عن معاوية بن قرة ، قال : أنس بن مالك الأنصار قريب من عشرين ، فأرسل إليهم وبعث معهم قائفا فقص آثارهم ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من حي من أحياء العرب ، فأسلموا وبايعوه ، فوقع الموم - وهو البرسام - فقالوا : يا رسول الله ، هذا الوجع قد وقع ، فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل وكنا فيها ، قال : نعم اخرجوا فكونوا فيها ، فخرجوا فقتلوا أحد الراعيين ، وذهبوا بالإبل ، قال : وجاء الآخر وقد جرح فقال : قد قتلوا صاحبي ، وذهبوا بالإبل ، وعنده شباب من .
[ ص: 68 ]
1819 - حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان سعيد بن أسد بن موسى ، قال : حدثنا ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، قال : الحسن الحجاج بن يوسف فقال له : ما أعظم عقوبة عاقب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فحدثه بالذين قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ولم يحسمهم ، وألقاهم بالحرة ، ولم يطعمهم ولم يسقهم حتى ماتوا أنس بن مالك دعا .
قال : فكان ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قتلا ، لهم القتل المذكور في الآية التي أنزلت فيهم بما قد تقدمت تلاوتنا لها في هذا الباب . فاستدل بعض الناس بذلك لما كان أبو جعفر رحمه الله يقوله في المحاربين : إذا أخذوا الأموال وقتلوا ، أن الإمام فيهم بالخيار : إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، كما يفعل ذلك بهم لو أخذوا المال ولم يقتلوا ، وإن شاء قتلهم عقوبة للقتل الذي كان [ ص: 69 ] منهم مما قد خالفه في ذلك أبو حنيفة فقال : لا سبيل له إلى قطع أيديهم وأرجلهم ، وإنما سبيله عليهم قتلهم ، لا ما سوى ذلك ، وكان هذا القول عندنا أولى مما قاله أبو يوسف في هذا المعنى ؛ لأن الذي إلى الإمام في الحدود إقامتها ، وليس إليه تركها ، ولما كان له عنده في هذا المعنى ترك قطع الأيدي والأرجل ، والاكتفاء بالقتل الواجب عليه إقامته فيهم . عقلنا بذلك أن ما له تركه ليس من الحدود وإنما عليه إقامته منها ، فليس له مجاوزته إلى غيره . أبو حنيفة
وكان من حجتنا لمن احتج لأبي حنيفة رحمه الله بما ذكرنا على مخالفته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان منه ما كان منه في أولئك القوم الذي كان منه فيهم ما كان قبل نهي الله عز وجل إياه عن المثلة بمن حل له قتله ، فكان له حينئذ أن يقتل من حل له قتله بقطع الأيدي والأرجل وترك حسمها ، ومنع أهلها - حل له في أولئك القوم - من الطعام والشراب حتى يموتوا بذلك ، ففعل ذلك بهؤلاء قتل منه لهم به ، لا لأنه حد كان عليهم في أيديهم وأرجلهم ، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم قد سمل أعينهم إرادة منه به قتلهم ، لا ما سوى ذلك من حد عليهم فيما دون أنفسهم يكون عليهم في أعضائهم ، ثم منع من مثل ذلك بنهيه صلى الله عليه وسلم عن المثلة .
1820 - كما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : أخبرنا عمرو بن عون ، عن هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، قال : عمران بن الحصين كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبنا ، فيأمرنا [ ص: 70 ] بالصدقة ، وينهانا عن المثلة .
1821 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، عن هشيم ، عن حميد ، قال : حدثنا الحسن ، قال : سمرة بن جندب قل ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمرنا فيها بالصدقة ، ونهانا فيها عن المثلة .
1822 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم ، قال : الحسن
قال : سمرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما قام فينا يخطب إلا أمرنا بالصدقة ، ونهانا عن المثلة .
[ ص: 71 ] قال : فكان ذلك نسخا للمثلة ، وعاد القتل الواجب بمثل ما كان من أولئك القوم مباحا استعماله بالآية التي أنزلت فيهم منسوخا منه المثلة المستعملة كانت في ذلك . أبو جعفر
وقد روى بعض الناس حديثا فيه من كلام حرف زائد على جميع ما في هذه الأحاديث التي قد رويناها في هذا الباب وهو . أنس بن مالك
1823 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا الفضل بن سهل يحيى بن غيلان - ثقة مأمون - قال : حدثنا ، عن يزيد بن زريع ، عن سليمان التيمي رضي الله عنه ، قال : أنس بن مالك إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء .
قال : فكان في هذا الحديث من قول أبو جعفر أنس ما قد ذكرناه [ ص: 72 ] فيه عنه ، وهذا الحديث عندنا منكر ؛ لأن فيما قد تقدمت روايتنا له في هذا الباب أن أحد راعيي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان في تلك الإبل لما جاءه ، قال : قد قتلوا صاحبي ، وفي ذلك ما ينفي أن يكون كان مسمول العين ، ولا اختلاف بين أهل العلم فيما يقام على من كان منه مثل الذي كان من أولئك القوم ، أنه حد لله عز وجل للمحاربة التي كانت لا حق للذين حوربوا بها ، وأن الذين حوربوا بها لو عفا أولياؤهم عما كان أتي إلى أصحابهم أن عفوهم باطل . وفي ذلك ما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فعل في أولئك القوم ما قد فعل قصاصا بما فعلوا ، وأنه إنما كان فعله بهم لما أوجبته عليهم المحاربة لا لما سواه ، ولا اختلاف بين أهل العلم علمناه في المحاربين : لو قطعوا الآذان والأيدي والأرجل حتى لم يبقوا لمن حارب أذنا ولا يدا ولا رجلا أنه لا يفعل بهم مثل ذلك ، وأنه يقتصر بهم على ما في الآية التي أنزلها الله في المحاربة التي قد تقدمت تلاوتنا لها في هذا الباب ، وفيما ذكرنا من ذلك ما قد دل على فساد هذا الحديث الذي روينا ، وبالله التوفيق .