[ ص: 399 ] 412 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدايا الكفار إليه من قبول منه لها ومن رد منه إياها .
2567 - حدثنا
عبيد الله بن عبيد بن عمران الأردني أبو أيوب بطبرية قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15833خلف بن هشام المقرئ البزار قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11834أبي التياح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، عن
عياض بن حمار قال : وكان حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية
nindex.php?page=hadith&LINKID=104204nindex.php?page=treesubj&link=8327_27034_33295فأهدى له هدية فردها وقال : إنا لا نقبل زبد المشركين .
[ ص: 400 ] وحدثنا
عبيد الله بن عبيد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15833خلف بن هشام قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون قال :
nindex.php?page=treesubj&link=27034_33295سألت nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ما زبد المشركين ؟ قال : رفدهم .
2568 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13856إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15304أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث بن سعيد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11834أبو التياح قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=treesubj&link=8327_27034_33295أن عياض بن حمار ، وكان حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بناقة يهديها إليه ، فلما رآها قال : يا عياض ما هذه ؟ قال : أهديتها لك قال : قدها فقادها قال : ردها فردها قال : يا عياض هل أسلمت بعد ؟ قال : لا قال : فلم يقبلها وقال : [ ص: 401 ] إن الله حرم علينا زبد المشركين . قال : والعرب تسمي الهدية الزبد .
قال
أبو عبيدة : الحرمي يكون من
أهل الحرم ويكون الصديق أيضا يقال له : حرمي .
2569 - وحدثنا
موسى بن الحسن بن عبد الله البغدادي المعروف بالصقلي قال : حدثنا
محمد بن عباد المكي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل ، عن
بشير بن المهاجر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=134أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=910024nindex.php?page=treesubj&link=23672_25575_27034_31338_31600أهدى أمير القبط لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين أختين قبطيتين وبغلة ، فأما البغلة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبها ، وأما إحدى الجاريتين فتسراها فولدت له إبراهيم ، وأما الأخرى فأعطاها حسان بن ثابت الأنصاري .
[ ص: 402 ] 2570 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14937عبد الرحمن بن عبد القاري nindex.php?page=hadith&LINKID=45807nindex.php?page=treesubj&link=23672_25575_27034_33933_33976_33983أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية يعني بكتابه معه إليه ، فقبل كتابه وأكرم حاطبا وأحسن نزله ، ثم سرحه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها وجاريتين : إحداهما أم إبراهيم ، وأما الأخرى فوهبها لجهم بن قيس العبدري ، فهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة لعمرو بن العاص على مصر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : وإنما أدخلنا هذا الحديث في هذا الباب لأن
nindex.php?page=showalam&ids=14937عبد الرحمن بن عبد القاري ممن ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويقال : إنه قد رآه فدخل بذلك في صحابته صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 403 ] [ ص: 404 ] فسأل سائل عن الوجه الذي به رد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
عياض هديته ، وعن الوجه الذي به قبل من
المقوقس هديته وكلاهما كافر .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن كفر
عياض كان كفر شرك بالله عز وجل وجحود للبعث من بعد الموت ، وكفر
المقوقس لم يكن كذلك لأنه كان مقرا بالبعث من بعد الموت ومؤمنا بنبي من أنبياء الله عز وجل وهو
عيسى صلى الله عليه وسلم ، وكان
عياض ومن كان على مثل ما كان عليه مطلوبين بالزوال عن ما هم عليه وبتركه إلى ضده وهو التصديق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإيمان به .
وكان
المقوقس ومن سواه من أهل الكتاب مطلوبين بالتصديق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإيمان به ، والثبوت على ما هم عليه من دين
عيسى صلى الله عليه وسلم ، وكان
عياض ومن كان على مثل ما كان عليه غير مأكولة ذبائحهم ولا منكوحة نساؤهم ، وكان
المقوقس ومن كان على مثل ما كان عليه مأكولة ذبائحهم ومنكوحة نساؤهم ، فكان الفريقان وإن كانوا جميعا من أهل الكفر يختلف كفرهم وتتباين أحكامهم ، وكان كل شرك بالله عز وجل كفرا ، وليس كل كفر بالله عز وجل شركا ، وكان الله عز وجل قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن بقوله جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن .
[ ص: 405 ] فدخل في ذلك
المقوقس ومن كان على مثل ما كان عليه من التمسك بالكتاب الذي أنزل على
عيسى صلى الله عليه وسلم ، وكان المشركون الذين يجحدون كتب الله عز وجل التي أنزلها على أنبيائه صلوات الله عليهم بخلاف ذلك ، فقبل هدية من أمره ربه عز وجل أن لا يجادله إلا بالتي هي أحسن ؛ لأن الأحسن قبول هديته منه ، ورد هدايا المشركين ؛ لأنهم بخلاف ذلك ، ولأن ربه عز وجل أمره بمنابذتهم وبقتالهم حتى يكون الدين كله لله عز وجل ، وفصل بينهم عز وجل في كتابه فخالف بين أسمائهم وبين ما نسبهم إليه فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=17إن الذين آمنوا والذين هادوا وهم اليهود ، والصابئين وهم أمة بين اليهود والنصارى ، لهم أحكام سنأتي بها في غير هذا الموضع من كتابنا هذا إن شاء الله ، والنصارى وهم الذين منهم
المقوقس ، والمجوس وهم مشركو العجم الذين لا يقرون ببعث ولا يؤمنون بكتاب من كتب الله عز وجل التي أنزلها على أنبيائه وهم في العجم كعبدة الأوثان في العرب ، إلا فيما يخالفونهم فيه من أخذ الجزية منهم لما قد ذكرناه في ذلك مما قد تقدم منا في كتابنا هذا ، والذين أشركوا وهم عبدة الأوثان من العرب الذين لا يقرون ببعث ولا يؤمنون بكتاب من كتب الله عز وجل ، وكذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع من تفريقه بين هذين الفريقين في الأسماء ، وفي الأحكام .
2571 - كما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=16457وعبد الله بن لهيعة ، عن
سليمان بن عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14938القاسم أبي عبد الرحمن ،
[ ص: 406 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=702050nindex.php?page=treesubj&link=28632_29393_30473_30918شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع فقال قولا كثيرا حسنا جميلا ، وكان فيها : من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين ، وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا ، ومن أسلم من المشركين فله أجره وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا .
فكان فيما تلونا من كتاب الله عز وجل ، وفيما روينا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على تباين الفريقين اللذين ذكرنا في الكفر الذي هم عليه ، وفي منابذة أهل الشرك منهما ، وفي أن لا يجادل أهل الكتاب منهم إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ، وفي ذلك ما قد دل على اتساع قبوله هداياهم منهم ، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية من قبل هديته منهم لذلك ، ورد هدية من رد هديته عليه من الفريق الآخر للأسباب التي فيه مما ذكرناها في هذا الباب والله نسأله التوفيق .
[ ص: 399 ] 412 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَدَايَا الْكُفَّارِ إِلَيْهِ مِنْ قَبُولٍ مِنْهُ لَهَا وَمِنْ رَدٍّ مِنْهُ إِيَّاهَا .
2567 - حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأُرْدُنِّيُّ أَبُو أَيُّوبَ بِطَبَرِيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15833خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْمُقْرِئُ الْبَزَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11834أَبِي التَّيَّاحِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ ، عَنْ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ : وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=104204nindex.php?page=treesubj&link=8327_27034_33295فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَرَدَّهَا وَقَالَ : إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبَدَ الْمُشْرِكِينَ .
[ ص: 400 ] وَحَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15833خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16453ابْنِ عَوْنٍ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=27034_33295سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنَ مَا زَبْدُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : رِفْدُهُمْ .
2568 - وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13856إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15304أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16501عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11834أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ nindex.php?page=treesubj&link=8327_27034_33295أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ ، وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ بِنَاقَةٍ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ : يَا عِيَاضُ مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : أَهْدَيْتُهَا لَكَ قَالَ : قُدْهَا فَقَادَهَا قَالَ : رُدَّهَا فَرَدَّهَا قَالَ : يَا عِيَاضُ هَلْ أَسْلَمْتَ بَعْدُ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ : [ ص: 401 ] إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا زَبَدَ الْمُشْرِكِينَ . قَالَ : وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهَدِيَّةَ الزَّبْدَ .
قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْحَرَمِيُّ يَكُونُ مِنْ
أَهْلِ الْحَرَمِ وَيَكُونُ الصَّدِيقَ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ : حَرَمِيٌّ .
2569 - وَحَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالصَّقَلِّيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15667حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ
بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16423عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=134أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=910024nindex.php?page=treesubj&link=23672_25575_27034_31338_31600أَهْدَى أَمِيرُ الْقِبْطِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ قِبْطِيَّتَيْنِ وَبَغْلَةً ، فَأَمَّا الْبَغْلَةُ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُهَا ، وَأَمَّا إِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ فَتَسَرَّاهَا فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَأَعْطَاهَا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ .
[ ص: 402 ] 2570 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17423يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14937عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=45807nindex.php?page=treesubj&link=23672_25575_27034_33933_33976_33983أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يَعْنِي بِكِتَابِهِ مَعَهُ إِلَيْهِ ، فَقَبِلَ كِتَابَهُ وَأَكْرَمَ حَاطِبًا وَأَحْسَنَ نُزُلَهُ ، ثُمَّ سَرَّحَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَهْدَى لَهُ مَعَ حَاطِبٍ كُسْوَةً وَبَغْلَةً بِسَرْجِهَا وَجَارِيَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَوَهَبَهَا لِجَهْمِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدَرِيِّ ، فَهِيَ أُمُّ زَكَرِيَّا بْنِ جَهْمٍ الَّذِي كَانَ خَلِيفَةً لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا أَدْخَلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14937عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ مِمَّنْ وُلِدَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَالُ : إِنَّهُ قَدْ رَآهُ فَدَخَلَ بِذَلِكَ فِي صَحَابَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 403 ] [ ص: 404 ] فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ رَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
عِيَاضٍ هَدِيَّتَهُ ، وَعَنِ الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ قَبِلَ مِنَ
الْمُقَوْقِسِ هَدِيَّتَهُ وَكِلَاهُمَا كَافِرٌ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ كُفْرَ
عِيَاضٍ كَانَ كُفْرَ شِرْكٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجُحُودٍ لِلْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ، وَكُفْرَ
الْمُقَوْقِسِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ وَمُؤْمِنًا بِنَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ
عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ
عِيَاضٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَطْلُوبِينَ بِالزَّوَالِ عَنْ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَبِتَرْكِهِ إِلَى ضِدِّهِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ .
وَكَانَ
الْمُقَوْقِسُ وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَطْلُوبِينَ بِالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْإِيمَانِ بِهِ ، وَالثُّبُوتِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ دِينِ
عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ
عِيَاضٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا مَنْكُوحَةٍ نِسَاؤُهُمْ ، وَكَانَ
الْمُقَوْقِسُ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَأْكُولَةً ذَبَائِحُهُمْ وَمَنْكُوحَةً نِسَاؤُهُمْ ، فَكَانَ الْفَرِيقَانِ وَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ يَخْتَلِفُ كُفْرُهُمْ وَتَتَبَايَنُ أَحْكَامُهُمْ ، وَكَانَ كُلُّ شِرْكٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُفْرًا ، وَلَيْسَ كُلُّ كُفْرٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ شِرْكًا ، وَكَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُجَادِلَ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .
[ ص: 405 ] فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ
الْمُقَوْقِسُ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى
عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ كُتُبَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَقَبِلَ هَدِيَّةَ مَنْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُجَادِلَهُ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ الْأَحْسَنَ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ مِنْهُ ، وَرَدُّ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَهُ بِمُنَابَذَتِهِمْ وَبِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفَصَلَ بَيْنَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فَخَالَفَ بَيْنَ أَسْمَائِهِمْ وَبَيْنَ مَا نَسَبَهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=17إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَهُمُ الْيَهُودُ ، وَالصَّابِئِينَ وَهُمْ أُمَّةٌ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، لَهُمْ أَحْكَامٌ سَنَأْتِي بِهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ ، وَالنَّصَارَى وَهُمُ الَّذِينَ مِنْهُمُ
الْمُقَوْقِسُ ، وَالْمَجُوسُ وَهُمْ مُشْرِكُو الْعَجَمِ الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِبَعْثٍ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَهُمْ فِي الْعَجَمِ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِي الْعَرَبِ ، إِلَّا فِيمَا يُخَالِفُونَهُمْ فِيهِ مِنْ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِبَعْثٍ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ تَفْرِيقِهِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْأَسْمَاءِ ، وَفِي الْأَحْكَامِ .
2571 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16457وَعَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14938الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
[ ص: 406 ] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=702050nindex.php?page=treesubj&link=28632_29393_30473_30918شَهِدْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ قَوْلًا كَثِيرًا حَسَنًا جَمِيلًا ، وَكَانَ فِيهَا : مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ أَجْرُهُ وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا .
فَكَانَ فِيمَا تَلَوْنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَبَايُنِ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي الْكُفْرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ ، وَفِي مُنَابَذَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْهُمَا ، وَفِي أَنْ لَا يُجَادِلَ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْهُمْ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى اتِّسَاعِ قَبُولِهِ هَدَايَاهُمْ مِنْهُمْ ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةَ مَنْ قَبِلَ هَدِيَّتَهُ مِنْهُمْ لِذَلِكَ ، وَرَدَّ هَدِيَّةَ مَنْ رَدَّ هَدِيَّتَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ لِلْأَسْبَابِ الَّتِي فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .