[ ص: 186 ] 311 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأيمان الموصول بعضها ببعض بختم إن شاء الله ، هل يكون ذلك استثناء في جميعها أو استثناء في اليمين الآخرة منها
1928 - حدثنا ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي إبراهيم بن مكتوم ، قال : حدثنا ، عن عبد الله بن داود ، عن مسعر ، عن سماك ، عن عكرمة رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس قريشا ، ثم قال أشياء ثم قال : والله لأغزون قريشا ، ثم قال : إن شاء الله ، ثم قال : والله لأغزون قريشا ، ثم قال : إن شاء الله والله لأغزون .
قال : أبو جعفر وإبراهيم بن مكتوم الذي روى هذا الحديث بصري صار إلى بغداد ، فحدث هناك ، وهو عند أهل الحديث ثقة معروف .
1929 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ، [ ص: 187 ] عن مسعر ، عن سماك بن حرب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ، ولم يذكر عكرمة . ابن عباس
فهكذا روى مسعر هذا الحديث بالاستثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل يمين من الأيمان المذكورة فيه . وقد رواه بخلاف ذلك . شريك بن عبد الله النخعي
1930 - كما حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، عن شريك بن عبد الله ، عن سماك ، عن عكرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس قريشا ، والله لأغزون قريشا ، ثم قال في الثالثة : إن شاء الله والله لأغزون .
[ ص: 188 ]
1931 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، قال : أخبرنا ، عن شريك ، عن سماك ، عن عكرمة رضي الله عنهما ، قال : ابن عباس لعلي رضي الله عنه : ضع لي غسلا ، فوضعه ثم قال : ولني ظهرك ، فولاه ظهره ، فاغتسل ، ثم قال : والله لأغزون قريشا ، والله لأغزون قريشا ، والله لأغزون قريشا إن شاء الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن كان هذا الحديث في الحقيقة كما حدث به مسعر فإنه مفتوح المعنى لا يحتاج إلى كشفه ، وإن كان مما حدث به شريك فإنه مما يحتاج إلى كشفه ، فنظرنا إلى ذلك فوجدنا الله عز وجل قد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ، وكان عد مما قد يجوز أن يبلغه قائل هذا القول ، وقد يجوز أن يخترم دونه ، فأمر أن يقول مع هذا إن شاء الله ، على الإخلاص منه لله عز وجل ، وترك الدخول منه عليه في غيبه ، وإن كان ذلك القول مما أجراه الله عز وجل على لسانه ، وما كان كذلك فإن استعمال الإخلاص لله عز وجل في ذلك أولى ، كما قال عز وجل : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين .
فكان ذلك مما لا بد من كونه ، إذ كان الله عز وجل قد وعدهم به ، وقد قال عز وجل في ذلك إن شاء الله ، وفي ذلك ما قد دل على أن الناس فيما يقولون في الأشياء المستأنفات مما يعلمون أنه لا بد من كونها ، ومما قد يكون وقد لا يكون ، مأمورون بأن يصلوها بمشيئة الله عز وجل [ ص: 189 ] إياها إخلاصا له عز وجل وتسليما للأمور إليه وكذلك الأمور كلها ، فينبغي للحالفين بها إذا كانت على الأشياء المستأنفات أن يصلوها بإن شاء الله .
فإن قال قائل : فقد كان من النبي صلى الله عليه وسلم الإيلاء من نسائه بغير قول منه فيه : إن شاء الله ، حتى كان بذلك مؤليا منهم .
قيل له : قد يحتمل أن ذلك منه صلى الله عليه وسلم قبل إنزال الله عز وجل عليه ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله والله تعالى نسأله التوفيق .