[ ص: 341 ] 907 - باب بيان مشكل قول الله عز وجل في أهل النار وفي أهل الجنة : " خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك " مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما استدل به على ذلك .
قال : قال الله تعالى : أبو جعفر فأما الذين شقوا ففي النار خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك فكان أهل اللغة ، منهم : ، الفراء وقطرب يذهبون إلى أن معنى : إلا ما شاء ربك لم يخرج مخرج الاستثناء وإنما خرج على معنى الزيادة على ما يقيمونه في النار مثل دوام السماوات والأرض مما هو أكثر من ذلك المقدار ، ويقولون : هذا مثل ما يقول الرجل للرجل : لي عليك ألف درهم إلا عشرة آلاف درهم التي لي عليك ، فمعنى ذلك : العشرة آلاف الدرهم التي لي عليك ، ليس على معنى الاستثناء ، لأن الشيء لا يجوز أن يستثنى منه ما هو أكثر منه ، [ ص: 342 ] [ ص: 343 ] [ ص: 344 ] [ ص: 345 ] وكان من سواهما يذهب إلى أن معنى : إلا ما شاء ربك أنه الموقف في الحساب قبل أن يدخل أهل النار النار .
وكان الأولى من هذه الأقوال رد المعنى في ذلك إلى ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يخرج من النار من أهل التوحيد بالشفاعة .
5665 - كما حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا هدبة بن خالد ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن عمرو بن ميمون : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ابن مسعود عطاء : وأحسبه قال : ولزوجوهم يكون قوم في النار ما شاء الله أن يكونوا ، ثم يرحمهم الله تعالى ، فيخرجون منها ، فيكونون في أدنى الجنة في نهر يقال له : الحيوان ، لو استضافهم أهل الدنيا لأطعموهم وسقوهم ولحفوهم . قال .
[ ص: 346 ] وقد ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا في باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها في هذا الباب عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نحن مستغنون عن إعادته . ابن مسعود
وكما حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عارم أبو النعمان أبو هلال الراسبي ، عن ، عن قتادة في هذه الآية : أنس بن مالك فأما الذين شقوا ففي النار قال : يخرج قوم من النار ، ولا نكذب بها كما كذب أهل حروراء .
[ ص: 347 ] وكما حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا ، حدثنا شيبان بن فروخ أبو هلال ، حدثنا في هذه الآية : قتادة فأما الذين شقوا ففي النار ، إلى قوله : " ما يريد " ، فقال : عند هذا حديث ، قال : يخرج قوم من النار ، قال أنس بن مالك قتادة : لا نقول كما يقول أهل حروراء .
5666 - وكما حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، حدثنا يحيى بن معين ، عن هشام بن يوسف ، عن معمر ، قتادة ، عن وثابت أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم - أو أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال : أنس إن قوما سيخرجون من النار .
[ ص: 348 ]
5667 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، ثابت البناني ، عن وأبو عمران ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال أنس بن مالك أبو عمران - : ثابت : رجلان - ، فيعرضون على الله عز وجل ، ثم يؤمر بهم إلى النار ، فيلتفت أحدهم فيقول : إني كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن لا تعيدني إليها . فينجيه الله تعالى منها يخرج من النار أربعة - وقال .
وقد ذكرنا عن أيضا في الباب الذي قبل هذا الباب [ ص: 349 ] من هذا المعنى ما قد أغنانا عن إعادته هاهنا . أنس بن مالك
5668 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، أبو داود ، واللفظ وشيبان بن فروخ لأبي داود .
5669 - وحدثنا ، بكار بن قتيبة ، قالا : حدثنا وإبراهيم بن مرزوق
5670 - وحدثنا أبو داود . محمد بن عبد الرحيم الهروي ، حدثنا ، قالوا : حدثنا آدم بن أبي إياس
5671 - وحدثنا القاسم بن الفضل . سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا ، حدثني القاسم بن الفضل الحداني سعيد بن المهلب الجهضمي ، عن ، قال : طلق بن حبيب ، وكنت أشد الناس تكذيبا بالشفاعة ، فقرأت عليه كل آية في القرآن وعد الله أهلها الخلود في النار ، فقال لي : يا جابر بن عبد الله طليق ، أتراك أعلم بكتاب الله وسنة نبيه مني ؟! قلت : لا ، قال : فصمتا - وأشار بيديه إلى أذنيه - إن لم أكن سمعت محمدا يقول : يخرجون من النار ، ونحن نقرأ الذي تقرأ ، وإن الذي تقرأ هم المشركون هم أهلها . قلت : ومن هؤلاء القوم ؟ قال : قوم أصابوا ، فعذبوا بذنوبهم ، ثم أخرجوا لقيت .
[ ص: 350 ]
5672 - وكما حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا ، حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، عن خالد بن عبد الله عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي سعيد الخدري إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قال الله بفضل رحمته : أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، قال : فيخرجون قد عادوا حمما ، فيلقون في نهر يسمى نهر الحياة ، فينبتون به كما ينبت الغثاءة في جانب السيل ، ألم تروا أنها تأتي صفراء ملتوية ؟
[ ص: 351 ] ففي هذه الآثار : أن قوما يخرجون من النار بعد ما كانوا فيها ، وفي كتاب الله تعالى ما قد دل على ذلك ، وهو قوله عز وجل إخبارا عن أهل النار : فما تنفعهم شفاعة الشافعين أي : أن غيرهم تنفعهم شفاعة الشافعين ، ومن ذلك قوله تعالى إخبارا عنهم : فما لنا من شافعين في أشياء من هذا النوع ، وكان ما هو أدل من هذا في القرآن ، وهو قوله عز وجل : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، وقوله : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى .
فكان أولى هذه الأشياء بالمتأولين رد ما في الآية التي تلونا من [ ص: 352 ] الاستثناء إلى هذا المعنى .
فأما أهل اللغة ، منهم : الفراء ، فكان يذهب إلى أن معنى : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ، أن ذلك على معنيين ؛ أحدهما : أن تجعله استثناء ، كقوله : والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك ، وعزيمته على ضربه فكذلك : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ولا يشاؤه .
والآخر : فذكر التأويل الذي ذكرنا في استثناء الكثير من القليل ، ولا شيء في هذا الباب أولى به عندنا مما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يخرج من النار بعد ما عذب فيها ، فيكون ذلك هو المستثنى بقوله عز وجل : إلا ما شاء ربك ، وبالله التوفيق .