[ ص: 263 ] 973 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره عثمان بن أبي العاص أن يتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا .
6000 - حدثنا
سليمان بن شعيب الكسائي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13999سعيد الجريري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17366أبي العلاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن الشخير .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662563nindex.php?page=treesubj&link=6089_22712_26492قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا .
[ ص: 264 ] فقال قائل : في هذا الحديث ما يدل على جواز أخذ الأجر على الأذان .
فكان جوابنا له في ذلك : أنا قد رأينا الأجر يكون بالإجارات المعقودة قبل وجوبه مما يأخذ المستأجرون بالخروج منها إلى المستأجرين لهم عليها ، وقد يكون بما سوى ذلك من غير إجارات معقودات قبلها ، ولكن بالمثوبات عليها ، والتنويل لفاعليها ، وقد جاء القرآن بهذين المعنيين .
فأما ما جاء بالأجر الواجب بالإجارات المعقودات قبله فقوله تعالى :
[ ص: 265 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وأتمروا بينكم بمعروف . والائتمار : فلا يكون إلا عند الاختلاف فيما تعقد الإجارات عليه .
وأما ما جاء بالأجر فيما سوى ذلك : فقوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين . وقوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=47قل ما سألتكم من أجر فهو لكم . فكان ذلك على المثوبات للأفعال ; لأن عقود الإجارات كانت قبلها ، وكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعثمان بن أبي العاص ما قد ذكرناه عنه في هذا الحديث على الأجر الذي يجعل ثوابا وتنويلا ، كما يفعل الناس بمن يفعل الأفعال التي يحمدونه عليها من التأذين في مساجدهم ، وعمارتها ، واللزوم لها بلا استئجار منهم على ذلك ، فينولونهم عليه ما ينول أمثالهم ليدوموا على ذلك ، ويكون قوة لهم عليه بلا إجارات متقدمات على ذلك ، فيكون ذلك محمودا من فاعليه ، ويكون المفعول ذلك بهم منهم من يقبل ذلك ، ومنهم من لا يقبله لعلمه بسببه الذي من أجله قصد إليه بذلك ، فيكون من يأبى قبول ذلك منهم فاضلا ، ومن يقبله مفضولا ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان أن يتخذ مؤذنا أفضل المؤذنين وأعلاهم رتبة على الثواب على الأذان ، وترك التعوض عليه شيئا من الدنيا .
والقياس أيضا يمنع من استحقاق الأجر بالإجارات على الأذان ; وذلك أنا وجدنا الإجارات تمليك منافع المستأجرين لمن استأجرهم على ما استأجرهم عليه بالأموال التي استأجرهم بها على ذلك وكان
[ ص: 266 ] على كل مملك شيئا بجعل اجتعله على ذلك تسليم ما ملكه إلى من ملكه إياه تسليما يبين منه به ، وكان الأذان وما أشبهه من هذه الأشياء غير مقدور على ذلك فيها ، فكان القياس على ذلك أن لا يجوز الإجارات عليها ، وبالله التوفيق .
[ ص: 263 ] 973 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ أَنْ يَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا .
6000 - حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكِسَائِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17309يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13999سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17366أَبِي الْعَلَاءِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17098مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ .
عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=61عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662563nindex.php?page=treesubj&link=6089_22712_26492قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا .
[ ص: 264 ] فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى الْأَذَانِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَجْرَ يَكُونُ بِالْإِجَارَاتِ الْمَعْقُودَةِ قَبْلَ وُجُوبِهِ مِمَّا يَأْخُذُ الْمُسْتَأْجِرُونَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَى الْمُسْتَأْجِرِينَ لَهُمْ عَلَيْهَا ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِجَارَاتٍ مَعْقُودَاتٍ قَبْلَهَا ، وَلَكِنْ بِالْمَثُوبَاتِ عَلَيْهَا ، وَالتَّنْوِيلِ لِفَاعِلِيهَا ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ .
فَأَمَّا مَا جَاءَ بِالْأَجْرِ الْوَاجِبِ بِالْإِجَارَاتِ الْمَعْقُودَاتِ قَبْلَهُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
[ ص: 265 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ . ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ . وَالِائْتِمَارُ : فَلَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيمَا تُعْقَدُ الْإِجَارَاتُ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَا جَاءَ بِالْأَجْرِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ : فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ . وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=47قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ . فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَثُوبَاتِ لِلْأَفْعَالِ ; لِأَنَّ عُقُودَ الْإِجَارَاتِ كَانَتْ قَبْلَهَا ، وَكَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْأَجْرِ الَّذِي يُجْعَلُ ثَوَابًا وَتَنْوِيلًا ، كَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ بِمَنْ يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الَّتِي يَحْمَدُونَهُ عَلَيْهَا مِنَ التَّأْذِينِ فِي مَسَاجِدِهِمْ ، وَعِمَارَتِهَا ، وَاللُّزُومِ لَهَا بِلَا اسْتِئْجَارٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَيُنَوِّلُونَهُمْ عَلَيْهِ مَا يُنَوَّلُ أَمْثَالُهُمْ لِيَدُومُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَيَكُونُ قُوَّةً لَهُمْ عَلَيْهِ بِلَا إِجَارَاتٍ مُتَقَدِّمَاتٍ عَلَى ذَلِكَ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْمُودًا مِنْ فَاعِلِيهِ ، وَيَكُونُ الْمَفْعُولُ ذَلِكَ بِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ لِعِلْمِهِ بِسَبَبِهِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قُصِدَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ ، فَيَكُونُ مَنْ يَأْبَى قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَاضِلًا ، وَمَنْ يَقْبَلُهُ مَفْضُولًا ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ أَنْ يَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا أَفْضَلَ الْمُؤَذِّنِينَ وَأَعْلَاهُمْ رُتْبَةً عَلَى الثَّوَابِ عَلَى الْأَذَانِ ، وَتَرْكِ التَّعَوُّضِ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا .
وَالْقِيَاسُ أَيْضًا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ بِالْإِجَارَاتِ عَلَى الْأَذَانِ ; وَذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا الْإِجَارَاتِ تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْمُسْتَأْجِرِينَ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَيْهِ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ
[ ص: 266 ] عَلَى كُلِّ مُمَلَّكٍ شَيْئًا بِجُعْلٍ اجْتَعَلَهُ عَلَى ذَلِكَ تَسْلِيمُ مَا مَلَكَهُ إِلَى مَنْ مَلَّكَهُ إِيَّاهُ تَسْلِيمًا يَبِينُ مِنْهُ بِهِ ، وَكَانَ الْأَذَانُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى ذَلِكَ فِيهَا ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَجُوزَ الْإِجَارَاتُ عَلَيْهَا ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .