فائدة : قوله ( وإن : ضمن النقص . وإن لم تنقص ولم تزد ، أو زادت قيمتهما : فهما شريكان بقدر ما لهما . وإن زادت قيمة أحدهما : فالزيادة لصاحبه ) . هذه الجملة لا خلاف فيها . لكن قال غصب ثوبا فصبغه ، أو سويقا فلته بزيت فنقصت قيمتهما ، أو قيمة أحدهما الحارثي : الضمير في " نقصت قيمتهما " عائد على الثوب والصبغ ، والسويق والزيت . لأنها إحدى الحالات الواردة في قيمة المالين ، من الزيادة والنقص والتساوي . وفي عوده على مجموع الأمرين أعني الثوب والصبغ في صورة النقص [ ص: 165 ] مناقشة . فإن ضمان الغاصب لا يتصور . لنقصان الصبغ . إذ هو ماله . فلا يجوز إيراده لإثبات حكم الضمان والأجود أن يقال : تنقص قيمة الثوب . وكذا قوله " أو قيمة أحدهما " ليس بالجيد . فإنه متناول لحالة النقصان في الصبغ ، دون الثوب . وليس الأمر كذلك . فإن الضمان لا يجب على هذا التقدير بحال . والصواب : حذفه . غير أن الضمان إن فسر بالنسبة إلى الغاصب : يكون النقص محسوبا عليه . وقيل : باستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه معا ، وباستعمال المشترك في مدلوليه معا . فيتمشى . انتهى . فإذا حصل النقصان ، لكونه مصبوغا ، أو لسوء العمل ، فعلى الغاصب . وعلى هذا يحمل إطلاق . فإذا كان قيمة كل منهما خمسة وهي الآن بعد الصبغ ثمانية فالنقص على الغاصب . وإن كان لانخفاض سعر الثياب : فالنقص على المالك . فيكون له ثلاثة . وإن كان لانخفاض سعر الصبغ : فالنقص على الغاصب . فيكون له ثلاثة . وإن كان لانخفاضهما معا على السواء : فالنقص عليهما . لكل منهما أربعة . هذا الصحيح . قدمه المصنف الحارثي . وقيل : يحمل النقص على الصبغ في كل حال . وهو قول صاحب التلخيص .
قوله ( فإن أراد أحدهما قلع الصبغ : لم يجبر الآخر ) . هذا المذهب جزم به في الوجيز . واختاره ، المصنف والشارح ، ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والفروع . قال وابن عقيل : هذا قياس المذهب وفيه وجه آخر : يجبر ويضمن النقص ، سواء كان الغاصب أو المغصوب منه . وأطلقهما القاضي الحارثي في شرحه . [ ص: 166 ] ويحتمل أن يجبر إذا ضمن الغاصب النقص يعني : إذا : أجبر على تمكينه من قلعه ، ويضمن النقص . وهذا قدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق . قال أراد الغاصب قلع صبغه ، وامتنع المغصوب منه ، المصنف والشارح : إذا أراد الغاصب قلع الصبغ . فقال أصحابنا : له ذلك سواء أضر بالثوب أو لم يضر . ويضمن نقص الثوب إن نقص . ولم يفرق الأصحاب بين ما يهلك صبغه بالقلع ، وبين ما لا يهلك . قال : وينبغي أن ما يهلك بالقلع لا يملك قلعه . وظاهر كلام المصنف : أنه لا يملك قلعه إذا تضرر به الثوب . لأنه قال : المشتري إذا بنى أو غرس في الأرض المشفوعة . فله أخذه إذا لم يكن في أخذه ضرر ، وقال الخرقي وتبعه المصنف الشارح : إن اختار المغصوب منه قلع الصبغ . ففيه وجهان .
أحدهما : يملك إجبار الغاصب عليه .
والثاني : لا يملك إجباره عليه . قال . هذا ظاهر كلام القاضي رحمه الله . انتهى . وتقدم ذلك . فعلى القول بالإجبار من الطرفين : لو نقص الثوب بالقلع : ضمنه الغاصب . بلا نزاع . وإن نقص الصبغ . فقال في الكافي : لا شيء على المالك . قال الإمام أحمد الحارثي : وهو أصح . وقال في المحرر : يضمنه المالك كما في الطرف الآخر . قوله ( وإن وهب الصبغ للمالك ، أو وهبه تزويق الدار ونحوها فهل يلزم المالك قبولها ؟ على وجهين ) . [ ص: 167 ] وأطلقهما في الكافي ، والمغني ، والشرح ، والفائق ، والحاوي الصغير .
أحدهما : يلزمه قبوله . وهو المذهب . وهو ظاهر كلام في الصداق . وصححه الخرقي ، وصاحب المستوعب ، والتلخيص ، والرعاية الصغرى . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والرعاية الكبرى ، والفروع . القاضي قلت : فيعايى بها .
والوجه الثاني : لا يلزمه قبوله . صححه في التصحيح ، والنظم . قال الحارثي في التزويق ونحوه : هذا أقرب إن شاء الله تعالى . فائدتان : إحداهما : لو . فقال طلب المالك تملك الصبغ بالقيمة ، القاضي وظاهر كلام وابن عقيل رحمه الله : لا يجبر الغاصب على القبول . واختاراه . قاله في القواعد . وذكر الإمام أحمد وجها بالإجبار . قال المصنف الحارثي : وهو الصحيح .
الثانية : لو : لزمه قبوله . ولو نسج الغزل المغصوب ، أو قصر الثوب ، أو عمل الحديد إبرا ، أو سيوفا ونحو ذلك ، ووهبه لمالكه : لم يلزمه قبولها . قطع به الأكثر . منهم صاحب المستوعب ، والتلخيص ، والرعاية . قال في الفروع : في الأصح . وقيل : يلزمه . سمر بمساميره بابا مغصوبا ، ثم وهب المسامير لرب الباب