الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإحياء الأرض : أن يحوزها بحائط ، أو يجري لها ماء ، أو يحفر فيها بئرا ) . مراده بالحائط : أن يكون منيعا . وظاهر كلامه : أنه سواء أرادها للبناء ، أو للزرع ، أو حظيرة للغنم والخشب ، ونحوهما . وهذا هو الصحيح من المذهب . نص عليه . وقطع به الخرقي ، وابن أبي موسى ، والقاضي ، والشريف أبو جعفر ، قاله الزركشي . وصاحب الهداية ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في المستوعب ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : إحياء الأرض : ما عد إحياء . وهو عمارتها بما تتهيأ به لما يراد منها من زرع أو بناء ، أو إجراء ماء . وهو رواية عن الإمام أحمد . اختاره القاضي ، وابن عقيل ، والشيرازي في المبهج ، وابن الزاغوني ، والمصنف في العمدة وغيرهم . وعلى هذا قالوا : يختلف باختلاف غرض المحيي من مسكن وحظيرة وغيرهما . فإن كان مسكنا : اعتبر بناء حائط مما هو معتاد ، وأن يسقفه . قال الزركشي : وعلى هذه الرواية : لا يعتبر أن يزرعها ويسقيها ، ولا أن [ ص: 369 ] يفصلها تفصيل الزرع ، ويحوطها من التراب بحاجز ، ولا أن يقسم البيوت إذا كانت للسكنى ، في أصح الروايتين وأشهرهما . والأخرى : يشترط جميع ذلك . ذكرها القاضي في الخصال . انتهى . وذكر القاضي رواية بعدم اشتراط التسقيف . وقطع به في الأحكام السلطانية قال الحارثي : وهو الصحيح . قال في المغني ، والشرح : لا يعتبر في إحياء الأرض للسكنى نصب الأبواب على البيوت . وقيل : ما يتكرر كل عام كالسقي ، والحرث فليس بإحياء ، وما لا يتكرر فهو إحياء . قال الحارثي : ولم يورد في المغني خلافه .

تنبيه : قوله " أو يجري لها ماء " يعني إحياء الأرض : أن يجري لها ماء ، إن كانت لا تزرع إلا بالماء . ويحصل الإحياء أيضا بالغراس ويملكها به . قال في الفروع : ويملكه بغرس وإجراء ماء . نص عليهما .

فائدة : فإن كانت الأرض مما لا يمكن زرعها إلا بحبس الماء عنها كأرض البطائح ونحوها فإحياؤها بسد الماء عنها ، وجعلها بحال يمكن زرعها . وهذا مستثنى من كلام المصنف وغيره ، ممن لم يستثنه . ولا يحصل الإحياء بمجرد الحرث ، والزرع . وقيل : للإمام أحمد رحمه الله : فإن كرب حولها ؟ قال : لا يستحق ذلك حتى يحيط .

التالي السابق


الخدمات العلمية