الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن أقر البائع بالبيع ، وأنكر المشتري . فهل تجب الشفعة ؟ على وجهين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والفائق .

أحدهما : تجب . وهو المذهب . صححه في التصحيح ، والنظم ، ونصره المصنف والشارح . واختاره القاضي ، وابنه ، وابن عقيل ، وابن بكروس . واختاره أبو الخطاب ، وابن الزاغوني . وقال في المستوعب : هذا قياس المذهب . ذكره شيوخنا الأوائل . قال : ولأن أصحابنا قالوا : إذا اختلف البائع والمشتري في الثمن . تحالفا وفسخ البيع ، وأخذه الشفيع بما حلف عليه البائع . فأثبتوا به الشفعة مع بطلان البيع في حق المشتري . انتهى . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في التلخيص ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع .

والوجه الثاني : لا تجب . اختاره الشريفان أبو جعفر ، وأبو القاسم الزيدي قال في التلخيص : اختاره جماعة من الأصحاب . قال الحارثي : وهذا أقوى . فعلى المذهب : يقبض الشفيع من البائع . وأما الثمن : فلا يخلو ، إما أن يقر البائع بقبضه أو لا . فإن لم يقر بقبضه . فإنه يسلم إلى البائع والعهدة عليه . ولا عهدة على المشتري . قاله الأصحاب . منهم [ ص: 310 ] القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول ، والمصنف في المغني ، والشارح ، وصاحب المحرر ، والفروع ، والوجيز ، والزركشي ، وغيرهم . قال الحارثي : وهذا يقتضي تلقي الملك عنه . وهو مشكل . وكذلك أخذ البائع للثمن مشكل . لاعترافه بعدم استحقاقه عليه . ثم قال القاضي ، وابن عقيل ، والمصنف ، وجماعة : ليس للشفيع ولا للبائع محاكمة المشتري ، ليثبت البيع في حقه وتجب العهدة عليه . لأن مقصود البائع : الثمن ، وقد حصل من الشفيع . ومقصود الشفيع : أخذ الشقص وضمان العهدة . وقد حصلا من البائع . فلا فائدة في المحاكمة . انتهى . وقد حكى في التلخيص وجها بأن يدفع إلى نائب ينصبه الحاكم عن المشتري قال : وهو مشكل . لأن إقامة نائب عن منكر : بعيد . وإن كان البائع مقرا بقبض الثمن من المشتري وبقي الثمن على الشفيع . لا يدعيه أحد : ففيه ثلاثه أوجه .

أحدها : يقال للمشتري : إما أن تقبضه ، وإما أن تبرئ منه قياسا على نجوم الكتابة إذا قال السيد : هي غصب . اختاره القاضي ، وابن عقيل . وجزم به في النظم .

والوجه الثاني : يبقى في ذمة الشفيع . قدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير

والوجه الثالث : يأخذه الحاكم عنه . وهي كالمسألة التي قبلها حكما وخلافا . وأطلقهن في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي . قال المصنف ، والشارح ، وغيرهما : وفي جميع ذلك ، متى ادعاه البائع أو المشتري دفع إليه . لأنه لأحدهما . قال الحارثي : وفيه نظر وبحث . وإن ادعياه جميعا ، وأقر المشتري بالبيع ، وأنكر البائع القبض : فهو للمشتري .

التالي السابق


الخدمات العلمية