الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وليس للمستعير أن يعير ) . هذا الصحيح من المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . وقدمه في الشرح ونصره . وصححه في النظم ، والفائق ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والمغني ، والبلغة ، والوجيز ، وغيرهم . قال الحارثي : هذا المشهور في المذهب وحكاه جمهور الأصحاب . انتهى . وقيل : له ذلك . قال الشارح : وحكاه صاحب المحرر قولا للإمام أحمد رضي الله عنه . وأطلقهما في المحرر ، والرعاية الكبرى ، والفروع . وقال : أصلهما هل . هي هبة منفعة ، أم إباحة منفعة ؟ فيه وجهان . وكذا هو ظاهر بحث المصنف في المغني ، والشرح . [ ص: 115 ] قال الحارثي : أصل هذا : ما قدمنا من أن الإعارة إباحة منفعة . وقال عن الوجه الثاني : يتفرع على رواية اللزوم في العارية المؤقتة . انتهى . قلت : قطع في القاعدة السابعة والثمانين بجواز إعارة العين المعارة المؤقتة إذا قيل بلزومها ، وملك المنفعة فيها . انتهى . قلت : وظاهر كلام المصنف هنا ، وصاحب الهداية ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم : أن الخلاف هنا ليس مبنيا . فإنهم قالوا : هي هبة منفعة . وقالوا : ليس للمستعير أن يعير . قال في الفروع : ويتوجه عليهما تعليقها بشرط . وذكر في المنتخب أنه يصح . قال في الترغيب : يكفي ما دل على الرضى من قول أو فعل . فلو سمع من يقول : أردت من يعيرني كذا . فأعطاه : كفى . لأنه إباحة عقد . انتهى . وقيل : له أن يعيرها إذا وقت له المعير وقتا ، وإلا فلا . فائدتان : إحداهما : محل الخلاف إذا لم يأذن المعير له . فأما إن أذن له : فإنه يجوز قولا واحدا . وهو واضح .

الثانية : ليس للمستعير أن يؤجر ما استعاره بغير إذن المعير ، على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : له ذلك في الإعارة المؤقتة . ومتى قلنا بصحتها ، فإن المستأجر لا يضمن . على الصحيح من المذهب . وقيل : يضمن . قلت : فيعايى بها . [ ص: 116 ] وتقدم عكسها في الإجارة عند قوله " وللمستأجر استيفاء المنفعة بنفسه وبمثله " وهو لو أعار المستأجر العين المؤجرة فتلفت عند المستعير من غير تعد : هل يضمنها ؟ وتقدم في باب الرهن جواز رهن المعار وأحكامه . فليعاود . وتقدم حكم سهم الفرس المستعار في كلام المصنف في باب قسمة الغنائم . فوائد : منها : لو قال إنسان : لا أركب الدابة إلا بأجرة . وقال ربها : لا آخذ لها أجرة ، ولا عقد بينهما . فركبها وتلفت ، فحكمها حكم العارية . وجزم به في الفروع ، والرعاية الكبرى . وقال : قلت إن قدر إجارتها فهي إجارة مهدرة ، وإلا فلا .

ومنها : لو أركب دابته منقطعا لله تعالى ، فتلفت تحته : لم يضمن . على الصحيح من المذهب جزم به في التلخيص ، والحاوي الصغير ، والرعاية الصغرى ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : يضمن .

ومنها : لو أردف المالك شخصا ، فتلفت : لم يضمن شيئا . على الصحيح من المذهب وقيل : يضمن نصف القيمة . ومال إليه الحاوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية