الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا انقضت الإجارة وفي الأرض غراس ، أو بناء لم يشترط قلعه عند انقضائها : خير المالك بين أخذه بالقيمة ، أو تركه بالأجرة ، أو قلعه وضمان نقصه ) . [ ص: 84 ] هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب من حيث الجملة . وجزم به في المغني ، والشرح ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، والفائق ، وغيرهم . قال في التلخيص : إذا اختار المالك القلع وضمان النقص ، فالقلع على المستأجر . وليس عليه تسوية الأرض . لأن المؤجر دخل على ذلك . ولم يذكر جماعة من الأصحاب أخذه بالقيمة . منهم صاحب الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والتلخيص ، وزاد : كما في عارية مؤقتة . وقال في الفائق ، قلت : فلو كانت الأرض وقفا : لم يجز التملك إلا بشرط واقف ، أو رضى مستحق الربع . وقال في الفروع : ولم يفرق الأصحاب بين كون المستأجر وقف ما بناه أو لا . مع أنهم ذكروا استئجار دار يجعلها مسجدا . فإن لم تترك بالأجرة ، فيتوجه أن لا يبطل الوقف مطلقا . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن احتكر أرضا بنى فيها مسجدا ، أو بناء وقفه عليه : متى فرغت المدة وانهدم البناء : زال حكم الوقف . وأخذوا أرضهم فانتفعوا بها . وما دام البناء قائما فيها فعليه أجرة المثل ، كوقف علو ربع أو دار مسجدا . فإن وقف علو ذلك لا يسقط حق ملاك السفل . كذا وقف البناء لا يسقط حق ملاك الأرض . وذكر في الفنون معناه . قلت : وهو الصواب . ولا يسع الناس إلا ذلك . تنبيهان : أحدهما : محل الخلاف في هذه المسألة : إذا لم يقلعه المالك . على الصحيح . ولم يشترط أبو الخطاب ذلك . قال في القاعدة السابعة والسبعين : فلعله جعل الخيرة لمالك الأرض دون مالك الغراس والبناء . فإذا اختار المستأجر القلع كان له ذلك . ويلزمه تسوية الحفر . صرح به المصنف في الكافي وغيره ، والشارح وغيرهما . [ ص: 85 ]

الثاني : يأتي في باب الشفعة : كيف يقوم الغراس والبناء إذا أخذ من ربه . بعد قوله " وإن قاسم المشتري وكيل الشفيع " . فوائد : إحداها : لو شرط في الإجارة بقاء الغراس . فهو كإطلاقه . على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، والفائق . وقيل : يبطل . وهو احتمال للمصنف . وقال في الفائق : قلت : فلو حكم ببقائه بعد المدة قسرا بأجرة مثله : لم يصادف محلا .

الثانية : لو غرس ، أو بنى مشتر ، ثم فسخ البيع بعيب : كان لرب الأرض الأخذ بالقيمة والقلع ، وضمان النقص ، وتركه بالأجرة . على الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع وغيره . وقال في المحرر ، والرعاية ، والحاوي الصغير ، وغيرهم : له أخذه بقيمته ، أو قلعه وضمان نقصه . وقال الحلواني : ليس له قلعه . وقيل : ليس له قلعه ، ولا أخذه بقيمته . وتقدم إذا غرس المحجور عليه ، أو بنى ، ثم أخذت الأرض وحكمه في بابه في كلام المصنف . وأما البيع بعقد فاسد إذا غرس فيه المشتري ، أو بنى : فالصحيح من المذهب : أن حكمه حكم المستعير إذا غرس أو بنى . على ما يأتي في بابه . ذكره القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول ، والمصنف في المغني في الشروط في الرهن ، لتضمنه إذنا . وقدمه في الفروع . وقال صاحب المحرر : لا أجرة . [ ص: 86 ] ويأتي في باب الغصب : إذا غرس المشتري من الغاصب وهو لا يعلم بعض أحكام غرس الغاصب . ويأتي أيضا بعد ذلك في كلام المصنف " إذا اشترى أرضا فغرس فيها ثم خرجت مستحقة " مستوف في المكانين . وقال القاضي في المجرد : لو غارسه على أن الأرض والغراس بينهما . فله أيضا تبقيته بالأجرة . قال في الفروع : ويتوجه في الفاسد وجه كغصب . لأنهم ألحقوه به في الضمان

الثالثة : قوله ( وإن شرط قلعه لزمه ذلك ) بلا نزاع . لكن لا يجب على صاحب الأرض غرامة نقص الغراس والبناء ، ولا على المستأجر تسوية الحفر ، ولا إصلاح الأرض إلا بشرط .

التالي السابق


الخدمات العلمية