الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وهي على ثلاثة أضرب . أحدها : حيوان . فيخير بين أكله وعليه قيمته وبين بيعه وحفظ ثمنه . وبين حفظه والإنفاق عليه من ماله ) . قال المصنف ، وتبعه الشارح : لم يذكر أصحابنا له تعريفا ، ومراده : إذا استوت الثلاثة عنده . أما إذا كان أحدهما أحظ : فإنه يلزمه فعله . قال في الفروع : ويفعل الأحظ لمالكه . قال الحارثي : وفي المجرد ، والفصول ، في باب الوديعة : أن كل موضع وجب عليه نفقة الحيوان ، فحكمه حكم الحاكم . إن رأى من المصلحة بيعها وحفظ ثمنها ، أو بيع البعض في مؤنة ما بقي ، أو أن يستقرض على المالك ، أو يؤجر في المؤنة : فعل . انتهى . وقال في الترغيب : لا يبيع بعض الحيوان . وأفتى أبو الخطاب ، وابن الزاغوني بأكله بمضيعة ، بشرط ضمانه ، وإلا لم يجز تعجيل ذبحه . لأنه يطلب . وقال أبو الحسين ، وابن عقيل في الفصول ، وابن بكروس : لا يتصرف قبل الحول في شاة ونحوها بأكل ولا غيره . رواية واحدة ونحوه قول أبي بكر . قال في زاد المسافر : وضالة الغنم إذا أخذها يعرفها سنة . وهو الواجب . فإذا مضت السنة ، ولم يعرف صاحبها : كانت له مثل ما التقط من غيرها . [ ص: 408 ] قال الحارثي : وقد قال الشريفان أبو جعفر ، والزيدي لا تملك الشاة قبل الحول . رواية واحدة . وكذا حكى السامري ، قال : إن كانت اللقطة حيوانا يجوز أخذه كالغنم . وما حكمه حكمها : لم يملكها قبل الحول . قال الزركشي : وظاهر كلام الخرقي : أن الحيوان يعرف كغيره . وهو مقتضى كلام صاحب التلخيص ، وأبي البركات وغيرهما قال الحارثي : وهذا ينفي اختيار الأكل . لأنه تملك عاجل . وهذا أعني الحفظ من غير تخيير هو الصحيح . فكان قبل ذلك أولى الأمور : الحفظ مع الإنفاق . ثم البيع وحفظ ثمنه . ثم الأكل وغرم القيمة . انتهى . وقال ناظم المفردات : والشاة في الحال ولو في المصر تملك بالضمان إن لم يبري قوله ( وهل يرجع بذلك ؟ على وجهين ) . وهما روايتان في المجرد ، والفصول ، والمغني ، والشرح ، والمستوعب . وغيرهم وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والمستوعب ، والزركشي .

أحدهما : يرجع إذا نوى الرجوع . وهو المذهب . نص عليه . وصححه في التصحيح . قال الحارثي : والأصح الرجوع . والرجوع هو المنصوص في الآبق . والآبق من نحو الضالة . وجزم به في الوجيز والإرشاد . قال أبو بكر : يرجع مع ترك التعدي . فإن تعدى ما يحسب له . والوجه الثاني : لا يرجع . قال في القاعدة الخامسة والسبعين : إن كانت النفقة بإذن حاكم رجع ، وإن لم تكن بإذنه ففيه الروايتان . [ ص: 409 ] يعني : اللتين فيمن أدى حقا واجبا عن غيره بغير إذنه ، ونوى الرجوع . والصحيح من المذهب : الرجوع على ما تقدم في باب الضمان . فكذا هنا . قال ابن رجب : ومنهم من رجح هنا عدم الرجوع . لأن حفظها لم يكن متعينا ، بل كان مخيرا بينه وبين بيعها وحفظ ثمنها . وذكر ابن أبي موسى : أن الملتقط إذا أنفق غير متطوع بالنفقة ، فله الرجوع بها . وإن كان محتسبا ، ففي الرجوع روايتان . قال في المستوعب : إن كان بإذن حاكم ، فله الرجوع . وإن أنفق بغير إذنه ، ولم يشهد بالرجوع : فهو متطوع . وإن أنفق محتسبا بها ، وأشهد على ذلك . فهل يملك الرجوع ؟ على روايتين . قوله ( الثاني : ما يخشى فساده ، فيخير بين بيعه وأكله ) . يعني : إذا استويا . وإلا فعل الأحظ . كما تقدم . قال في الفروع : وله أكل الحيوان وما يخشى فساده بقيمته . قاله أصحابنا . وقال في المغني : يقتضي قول أصحابنا " إن العروض لا تملك " أنه لا يأكل ، ولكن يخير بين الصدقة وبين بيعه . وذكر نصا يدل على ذلك . انتهى . قال الحارثي : ما لا يبقى . قال المصنف فيه ، والقاضي ، وابن عقيل : يتخير بين بيعه وأكله . كذا أوردوا مطلقا . وقيد أبو الخطاب بما بعد التعريف . فإنه قال : عرفه بقدر ما يخاف فساده ، ثم هو بالخيار . قال : وقوله " بقدر ما يخاف فساده " وهم . وإنما هو بقدر ما لا يخاف . قلت : وتابع أبا الخطاب على هذه العبارة في المذهب ، والمستوعب ، والتلخيص ، وجماعة . ومشى على الصواب في الخلاصة . فقال : عرفه ما لم يخش فساده . [ ص: 410 ] قال الحارثي : والمذهب الإبقاء ، ما لم يفسد من غير تخيير ، على ما مر نصه في الشاة . وهو الصحيح . فإذا دنا الفساد فروايتان .

إحداهما : التصدق بعينه مضمونا عليه .

والثانية : البيع وحفظ الثمن . قلت : وهو الصواب . وأطلقهما الحارثي . وقال ابن أبي موسى : يتصدق بالثمن . انتهى . ومع تعذر البيع أو الصدقة يجوز له أكله . وعليه القيمة .

تنبيه : حيث قلنا : يباع . فإن البائع الملتقط . على الصحيح من المذهب ، سواء كان يسيرا أو كثيرا ، تعذر الحاكم أو لا . وعنه : يبيع اليسير ، ويرفع الكثير إلى الحاكم . وعنه : يبيعه كله إن فقد الحاكم ، وإلا رفعه إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية