الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن أجر الولي اليتيم ، أو أجر ماله ، أو السيد العبد . ثم بلغ الصبي وعتق العبد : لم تنفسخ الإجارة ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب . وقطع به كثير منهم . منهم صاحب الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، وغيرهم . ذكروه في باب الحجر . ويحتمل أن ينفسخ . وهو وجه في الصبي ، وتخريج في العبد من الصبي . قال في القاعدة الرابعة والثلاثين : وعند الشيخ تنفسخ ، إلا أن يستثنيها في العتق . فإن له استثناء منافعه بالشروط . والاستثناء الحكمي أقوى ، بخلاف الصبي إذا بلغ ورشد . فإن الولي تنقطع ولايته عنه بالكلية . [ ص: 39 ] فعلى المذهب : لا يرجع العتيق على سيده بشيء من الأجرة ، على الصحيح من المذهب . وقيل : يرجع بحق ما بقي ، كما تلزمه نفقته إن لم يشترطها على مستأجره . قال في الفروع : ويتوجه مثله فيما إذا أجره ثم وقفه .

تنبيه : محل الخلاف فيما إذا لم يعلم بلوغه عند فراغها . فأما إن أجره مدة يعلم بلوغه فيها ، فإنها تنفسخ على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وهو احتمال في المغني والشرح . وقيل : لا تنفسخ أيضا . وقدمه في القاعدة السادسة والثلاثين . وقال : هذا الأشهر . واختاره القاضي وأصحابه . قلت : وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . وظاهر ما قدمه الشارح . قلت : ويلحق به العبد إذا علم عتقه في المدة التي وقعت عليها الإجارة ويتصور ذلك بأن يعلق عتقه على صفة توجد في مدة الإجارة . لم أره للأصحاب . وهو واضح . ثم رأيته في الرعاية الكبرى صرح بذلك .

فائدتان : إحداهما : لو ورث المأجور ، أو اشتري أو اتهب ، أو وصي له بالعين ، أو أخذ صداقا ، أو أخذه الزوج عوضا عن خلع ، أو صلحا ، أو غير ذلك : فالإجارة بحالها . قطع به في القاعدة السادسة والثلاثين . قلت : وقد صرح به المصنف وغيره من الأصحاب ، حيث قالوا : ويجوز بيع العين المستأجرة ، ولا تنفسخ الإجارة إلا أن يشتريها المستأجر .

الثانية : يجوز إجارة الإقطاع كالوقف . قاله الشيخ تقي الدين ، وقال : لم يزل يؤجر من زمن الصحابة إلى الآن . قال : وما علمت أحدا من علماء [ ص: 40 ] الإسلام الأئمة الأربعة ولا غيرهم قال : إجارة الإقطاع لا تجوز ، حتى حدث في زماننا . فابتدع القول بعدم الجواز . واقتصر عليه في الفروع . وقال ابن رجب في القواعد : وأما إجارة إقطاع الاستغلال التي موردها منفعة الأرض دون رقبتها : فلا نقل فيها نعلمه . وكلام القاضي يشعر بالمنع ، لأنه جعل مناط صحة الإجارة للمنافع لزوم العقد . وهذا منتف في الإقطاع . انتهى . فعلى ما قاله الشيخ تقي الدين : لو أجره ثم استحقت الإقطاع لآخر ، فذكر في القواعد : أن حكمه حكم الوقف إذا انتقل إلى بطن ثان ، وأن الصحيح تنفسخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية