الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن فتح قفصا عن طائر ، أو حل قيد عبد ، أو رباط فرس : ضمنه ) هذا المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في المغني ، والشرح والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال في التلخيص ، قال أصحابنا : يلزمه الضمان في جميع ذلك . سواء تعقب ذلك فعله ، أو تراخى عنه . قال في القواعد : ذكره القاضي ، والأكثرون . قال الحارثي : لا يختلف فيه المذهب . وقال في الفنون : إن كان الطائر متألفا : لم يضمنه . وقال أيضا : الصحيح التفرقة بين ما يحال الضمان على فعله كالآدمي . وبين ما لا يحال عليه الضمان كالحيوانات والجمادات . فإذا حل قيد العبد : لم يضمن . وقيل : لا يضمن إلا إذا ذهبوا عقب الفتح والحل . فعلى المذهب : يضمنه ، سواء ذهب عقب فعله أو متراخيا عنه . وسواء هيج الطائر والدابة حتى ذهبا أو لم يهيجهما قاله الأصحاب . فوائد : إحداها : لو بقي الطير والفرس بحالهما ، حتى نفرهما آخر : ضمنهما المنفر . جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي ، والرعاية ، وغيرهم .

الثانية : لو دفع مبردا إلى عبد فبرد به قيده ، فهل يضمنه أم لا ؟ حكى في الفصول ، والتلخيص ، والرعاية : فيه احتمالين . وحكاهما في الفروع وجهين . وأطلقوهما . قلت : الصواب الضمان . وهو ظاهر ما قدمه الحارثي . [ ص: 219 ] ولو دفع مفتاحا إلى لص : لم يضمن .

الثالثة : لو حل قيد أسير : ضمن . كحل قيد العبد . وكذا لو فتح الإصطبل فضاعت الدابة . وكذا لو حل رباط سفينة فغرقت ، وسواء كان لعصوف ريح أو لا . على الصحيح من المذهب . وعلى قول القاضي : لا يضمن العصوف .

الرابعة : قال الشيخ تقي الدين : لو غرم بسبب كذب عليه ، عند ولي الأمر : رجع على الكاذب . قلت : وهو الصحيح . وتقدم ذلك وغيره في باب الحجر .

الخامسة : لو كانت الدابة المحمولة عقورا وجنت : ضمن جنايتها . ذكره ابن عقيل ، وغيره . واقتصر عليه في شرح الحارثي . كما لو حل سلسلة فهد ، أو ساجور كلب : فعقر . وإن أفسدت زرع إنسان فكإفساد دابة نفسه . على ما يأتي .

السادسة : لو وثبت هرة على الطائر بعد الفتح : ضمنه . وقد تضمنه كلام المصنف . وكذا لو كسر الطائر في خروجه قارورة : ضمنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية