الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن وجدها عبد فلسيده أخذها منه وتركها معه . ويتولى تعريفها إذا كان عدلا ) . للعبد أن يلتقط ، وأن يعرفها مطلقا . على الصحيح من المذهب . قال في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع : له ذلك في الأصح . وجزم به في المغني ، والكافي ، والشرح . قال الزركشي : يصح التقاطه على المذهب . وقدمه في المستوعب ، والفائق ، وشرح الحارثي . وقيل : ليس له ذلك بغير إذن السيد . اختاره أبو بكر . وهو رواية ذكرها الزركشي ، وغيره . وجزم به في البلغة . قال الحارثي : وعن أبي بكر : يتوقف التقاطه على إذن السيد . ذكره السامري ، أخذا من قوله في التنبيه " إذا التقط العبد فضاعت منه أو أتلفها : ضمنها " قال : فسوى بين الإتلاف والضياع . ولم يفرق بين الحول وبعده . فدل على عدم الصحة بدون إذن . قالالحارثي : وفي استنباط السامري نظر . قوله ( فإن أتلفها قبل الحول : فهي في رقبته ) بلا نزاع ( وإن أتلفها بعده : فهي في ذمته ) . هذا أحد القولين . نص عليه . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب والخلاصة ، والتلخيص ، وشرح ابن منجا ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق ، وغيرهم . [ ص: 427 ] قال في تجريد العناية : إذا أتلفها بعد الحول . ففي ذمته . على الأظهر . ويأتي كلام الزركشي على هذا القول . وقيل : إن أتلفها بعد الحول ، فإن قلنا يملكها : فهي في ذمته . وإن قلنا لا يملكها : فهي في رقبته . هذا المذهب على ما يأتي . واعلم أن العبد : هل يحصل له الملك من غير تمليك سيده أم لا ؟ فيه خلاف سبق في أول كتاب الزكاة عند الفوائد التي ذكرت هناك . فمتى أتلفها ، أو فرط حتى تلفت ، فإن كان قبل الحول : فهي في رقبته . نص عليه . وعلى السيد الفداء أو التسليم . وإن كان بعده . فإن قلنا يملكها : فهي في ذمته . وإن قلنا لا يملكها : فهي في رقبته . هذا المذهب . نص عليه . وجزم به في المغني ، والمحرر ، والنظم . وقدمه في الشرح ، والفروع . قال الحارثي : وهذا إنما يتجه على تقدير أن السيد لم يملك . لكونه لم يتملك استنادا إلى توقف الملك على التملك . وفيه بعد . وقال في الشرح أيضا : ويصلح أن ينبني على استدانة العبد : هل تتعلق برقبته أو ذمته ؟ على روايتين . قال الحارثي : وهو تخريج حسن لشبه الغرم بعد الإنفاق بأداء المقترض . وقال أبو بكر في زاد المسافر : لأبي عبد الله في ضمان ما أتلفه العبد قولان ، أي روايتان .

إحداهما : في رقبته كالجناية . والأخرى : في ذمته . وبالأول أقول . قال السامري : ولم يفرق قبل الحول وبعده . وقال ابن عقيل : لا يتجه الفرق في التعلق بالرقبة بين ما قبل الحول وبعده . [ ص: 428 ] قال الحارثي : وهذا ضعيف جدا . انتهى . وقال الزركشي عن كلام المصنف هنا ، ومن تابعه : كلامهم متوجه ، إن قلنا : إن العبد يملك . وإن قلنا : الملك للسيد كما صرح به أبو محمد ، واقتضاه كلام صاحب التلخيص وغيره : فالجناية على مال السيد . فلا تتعلق بذمته ، ولا برقبته ، بل الذي ينبغي : أن تتعلق بذمة السيد . وإن قيل : إن العبد لا يملك ولا السيد : تعين التعلق برقبته كجنايته . انتهى . وقال في الكافي : وإن أتلفها العبد ، فحكم ذلك حكم جنايته . انتهى . ونقل ابن منصور : جنايته في رقبته . وإن خرق ثوب رجل : فهو دين عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية