الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( أو اقتنى كلبا عقورا فعقر ، أو خرق ثوبا ، إلا أن يكون دخل منزله بغير إذنه ) . إذا دخل بيته بإذنه فعقره ، أو خرق ثوبه ، أو فعل ذلك خارج البيت : ضمن . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . قال الحارثي : يضمن بغير خلاف في المذهب . إذا فعل ذلك خارج المنزل . وقال : إذا دخل بإذنه : ينبغي تقييده بما إذا لم ينبهه على الكلب ، وعلى كونه غير موثق . أما إن نبه : فلا ضمان . قال في الرعاية : إن عقر خارج الدار : ضمن ، إن لم يكفه ربه ، أو يحذر منه . انتهى . وعنه : لا يضمن . اختاره الشريف أبو جعفر . [ ص: 222 ] وإن دخل بيته بغير إذنه ، ففعل ذلك به : لم يضمن ، على الصحيح من المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وعنه : يضمن أيضا . اختاره القاضي في الجامع . ونقل حنبل : إذا كان الكلب موثقا : لم يضمن ما عقر . قوله ( وقيل : في الكلب العقور روايتان في الجملة ) يعني : روايتين مطلقتين ، سواء دخل بإذن أو لا . وسواء كان في منزل صاحبه ، أو خارجا عنه . ذكره الشارح .

قال الحارثي : أورد المصنف في كتابيه وابن أبي موسى ، والقاضي في المجرد ، وصاحب المحرر : ذلك من غير خلاف في شيء من ذلك . وحكى القاضي في الجامع الصغير في الضمان مطلقا من غير تقييد بإذن : روايتين . وهو ما حكى أبو الخطاب في كتابيه عن القاضي . وأورده المصنف هنا . وجرى على حكاية هذا الخلاف جماعة من أئمة المذهب : الشريف أبو جعفر ، وأبو الخطاب ، وأبو الحسن بن بكروس في كتبهم الخلافية . واختلفوا . فمنهم من صحح الضمان ، وهو القاضي في الجامع . ومنهم من عكس ، وهو قول الشريف . والظاهر من كلام أبي الخطاب ، وابن بكروس . وقال : وقول المصنف " وقيل : في الكلب روايتان " . قال شيخنا ابن أبي عمر في شرحه : سواء كان في منزل صاحبه ، أو خارجا ، وسواء دخل بإذن صاحب المنزل أو لا . قال : وليس كذلك . فإن كلام أبي الخطاب الذي أخذ منه المصنف ذلك إنما هو وارد في حالة الدخول . والإجمال فيه عائد على الإذن وعدمه . وكذلك أورد السامري في كتابه . فقال : إن اقتنى في منزله كلبا عقورا ، فعقر فيه إنسانا ، إن كان دخل بغير إذنه : فلا ضمان . وإن كان بإذنه : فعليه الضمان . [ ص: 223 ] قال : وخرجها القاضي على روايتين : الضمان ، وعدمه . فإن عقر خارج المنزل : ضمن . ذكرها ابن أبي موسى . انتهى . قال الحارثي : فخصص الخلاف بحالة العقر داخل المنزل دون خارجه . وهو الصحيح . انتهى . وهذا قطع به ابن منجا في شرحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية