الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن حفر بئرا عادية : ملك حريمها خمسين ذراعا ، وإن لم تكن عادية ، فحريمها خمسة وعشرون ذراعا ) . [ ص: 370 ] يعني من كل جانب فيهما . وهذا المذهب فيهما . نص عليه في رواية حرب ، وعبد الله . قال المصنف ، والشارح : اختاره أكثر الأصحاب . قال في التلخيص : هذا المشهور . قال الحارثي : هذا المشهور عن أبي عبد الله . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال الزركشي : نص عليه . واختاره الخرقي ، والقاضي في التعليق ، والشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما ، والشيرازي ، والشيخان ، وغيرهم . وهو من مفردات المذهب . قال ناظمها : بحفر بئر في موات يملك حريمها معها بذرع يسلك     فخمسة تملك والعشرون
وإن تكن عادية خمسون وعنه : التوقف في التقدير . نقله حرب . قاله القاضي ، وأبو الخطاب ، ومن تبعهم . قال الحارثي : وهو غلط . قال . ولو تأملوا النص بكماله من مسائل حرب ، والخلال : لما قالوا ذلك . وعند القاضي : حريمها قدر مد رشائها من كل جانب . واختاره ابن عقيل في التذكرة . وذكر : أنه الصحيح . قال في التلخيص : اختاره القاضي ، وجماعة . قال الحارثي : وأخشى أن يكون كلام القاضي هنا ما حكيناه في المجرد الآتي الموافق لاختيار أبي الخطاب . وقيل : قدر ما يحتاج إليه في ترقية مائها . [ ص: 371 ] واختاره القاضي في المجرد ، وأبو الخطاب في الهداية . قال المصنف في المغني ، والكافي ، والشارح . وقال القاضي ، وأبو الخطاب : ليس هذا الذرع المذكور على سبيل التحديد ، بل حريمها على الحقيقة : ما تحتاج إليه من ترقية مائها منها . فإن كان بدولاب : فقدر مدار الثور ، أو غيره . وإن كان بساقية : فقدر طول البئر . وإن كان يستقي منها بيده : فقدر ما يحتاج إليه الموافق عندها . وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . وقيل : إن كان قدر الحاجة أكثر : فهو حريمها .

وإن كان التحديد المذكور أكثر : فهو حريمها . ذكره القاضي في الأحكام السلطانية . واختاره القاضي أبو الحسين ، وأبو الحسن بن بكروس . وعند أبي محمد الجوزي : إن حفرها في موات : فحريمها خمسة وعشرون ذراعا من كل جانب . وإن كانت كبيرة : فخمسون ذراعا .

فائدة : البئر العادية بتشديد الياء هي القديمة . نقله ابن منصور . منسوبة إلى عاد . ولم يرد " عادا " بعينها ، لكن لما كانت " عاد " في الزمن الأول ، وكانت لها آبار في الأرض : نسب إليها كل قديم . وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله ، العادية : هي التي أعيدت . ونقل حرب ، وغيره : العادية هي التي لم تزل ، وأنه ليس لأحد دخوله . لأنه قد ملكه .

فوائد : منها : حريم العين خمسمائة ذراع . نص عليه من رواية غير واحد . وقاله القاضي في الأحكام السلطانية ، وابنه أبو الحسين ، وابن بكروس ، وصاحب التلخيص ، وغيرهم . قاله الحارثي . وقدمه في الرعايتين ، والفروع ، والحاوي الصغير ، والفائق ، وغيرهم . [ ص: 372 ] وقيل : قدر الحاجة ، ولو كان ألف ذراع . اختاره القاضي في المجرد ، وأبو الخطاب ، والمصنف في الكافي ، وغيرهم . قال في الفروع : اختاره جماعة .

ومنها : حريم النهر من جانبيه : ما يحتاج إليه لطرح كرايته ، وطريق شاويه ، وما يستضر صاحبه بتملكه عليه ، وإن كثر . قال في الرعاية : وإن كان بجنبه مسناة لغيره : ارتفق بها في ذلك ضرورة . وله عمل أحجار طحن على النهر ، ونحوه ، وموضع غرس ، وزرع ، ونحوهما . انتهى . وقال في الرعاية الصغرى : ومن حفر عينا : ملك حريمها خمسمائة ذراع . وقيل : بل قدر الحاجة . قلت : وكذا النهر . وقيل : بل ما يحتاجه لتنظيفه . انتهى .

ومنها : حريم القناة . والمذهب : أنه كحريم العين ، خمسمائة ذراع . قاله الحارثي . قال : واعتبره القاضي في الأحكام السلطانية بحريم النهر .

ومنها : حريم الشجر قدر مد أغصانها . قاله المصنف وغيره .

ومنها : حريم الأرض التي للزرع : ما يحتاجه في سقيها ، وربط دوابها ، وطرح سبخها ، وغير ذلك . وحريم الدار من موات حولها : مطرح التراب ، والكناسة والثلج ، وماء الميزاب ، والممر إلى الباب . ولا حريم لدار محفوفة بملك الغير . ويتصرف كل واحد في ملكه ، وينتفع به ، على ما جرت العادة عرفا . فإن تعدى : منع .

التالي السابق


الخدمات العلمية